جَهَنَّمَ) والفيح -كما قال اللَّيث (١) - سطوع الحرِّ (٢)، يُقال: فاحت القدر تفيح فيحًا، إذا غَلَت، وأصله: السَّعة، ومنه: أرضٌ فيحاء، أي: واسعةٌ. وقال المزِّيُّ:«من» هنا لبيان الجنس -أي: من جنس فيح جهنَّم- لا للتَّبعيض، وذلك نحو ما رُوِي عن عائشة بسندٍ جيِّدٍ ثابتٍ (٣): «من أراد أن يسمع خرير الكوثر فليجعل إصبعيه في أذنيه» أي: يسمع مثل خرير الكوثر (٤). انتهى. وكأنَّه يحاول بذلك حمل الحديث على التَّشبيه لا على الحقيقة، وهو القول الثَّاني، ولقائلٍ أن يقول:«من» محتملةٌ للجنس وللتَّبعيض على كلٍّ من القولين، أي: من جنس الفيح حقيقةً أو (٥) تشبيهًا، أو بعض الفيح حقيقةً أو تشبيهًا.
٣٢٦٠ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (٦)ﷺ: اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا) حقيقةً بلسان المقال بحياةٍ يخلقها الله تعالى فيها، أو مجازًا بلسان الحال عن غليانها وأكلها (٧) بعضها بعضًا (فَقَالَتْ): يا (رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا) ربُّها (بِنَفَسَيْنِ) حمله البيضاويُّ على المجاز، وغيره على الحقيقة، وهو في الأصل ما يخرج من الجوف ويدخل فيه من الهواء
(١) في (د): «المهلَّب» ولعلَّه تحريفٌ. (٢) زيد في (م): «كما». (٣) قال المناوي في «التيسير شرح الجامع الصغير» (١/ ٨٩): فيه ضعف وانقطاع. (٤) قوله: «فليجعل … الكوثر» سقط من (م). (٥) زيد في (م): «حكمًا؛ أي». (٦) في (م): «النَّبيُّ» والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة». (٧) في (ب) و (س): «وأكل».