بالمسير (١)، ولمَّا جلس إمام الحرمين موضع أبيه سُئِل: لِمَ كان السَّفر قطعةً من العذاب؟ فأجاب على الفور: لأنَّ فيه فراق الأحباب. ولا يعارض ما ذكر حديث ابن عبَّاسٍ وابن عمر ﵃ مرفوعًا:«سافروا تغنموا»، وفي روايةٍ:«تُرزَقوا»، ويُروَى:«سافروا تصحُّوا» لأنَّه لا يلزم من الصِّحَّة بالسَّفر -لما فيه من الرِّياضة والغنيمة والرِّزق- ألَّا يكون قطعةً من العذاب لما فيه من المشقَّة.
(فَإِذَا قَضَى) المسافر (نَهْمَتَهُ) بفتح النُّون وإسكان الهاء، أي: رغبته وشهوته وحاجته (٢)(فَلْيُعَجِّلْ) أي: الرُّجوع (إِلَى أَهْلِهِ) زاد في حديث عائشة عند الحاكم: «فإنَّه أعظم لأجره» قال ابن عبد البرِّ: وزاد فيه بعض الضُّعفاء عن مالكٍ: «وليتَّخذ لأهله هديَّةً وإن لم يجد إلَّا حجرًا» يعني: حجر الزِّناد، قال: وهي زيادةٌ مُنكَرةٌ.
وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الجهاد»[خ¦٣٠٠١] وفي «الأطعمة»[خ¦٥٤٢٩]، ومسلمٌ في «المغازي» والنَّسائيُّ في «السِّير».
(٢٠)(بابُ المُسَافِرِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ) قال ابن الأثير: إذا اهتمَّ به وأسرع فيه (٣) يُقال: جَدَّ يَجُدُّ ويَجِدُّ بالضَّمِّ والكسر، وجَدَّ به الأمرُ وأَجَدَّ، وجَدَّ فيه وأَجَدَّ (٤) إذا اجتهد، وجواب «إذا» قوله: (يُعَجِّلُ إِلَى أَهْلِهِ) بضمِّ الياء وفتح العين وتشديد الجيم، وفي نسخةٍ:«تَعجَّل» بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة والجيم، وللكُشْمِيْهَنِيِّ والنَّسفيِّ -كما في «الفتح» -: «ويعجِّل» بالواو. وجواب «إذا» حينئذٍ محذوفٌ، أي: ماذا يصنع؟
(١) في (ص): «بمسيره»، وفي (م): «بسيره». (٢) «وحاجته»: ليس في (د). (٣) «فيه»: ليس في (د). (٤) «وجَدَّ فيه وأَجَدَّ»: سقط من (د).