رَبُّ العَالَمِينَ) أي: ظهر لهم وأشهَدَهُم (١) رؤيته من غير تكييفٍ ولا حركةٍ ولا (٢) انتقالٍ (فِي أَدْنَى صُورَةٍ) أي: أقرب صفةٍ (مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ) أي: عرفوه (فِيهَا) بأنَّه لا يُشْبِه شيئًا من المُحْدَثات، زاد في نسخة:«أوَّل مرةٍ»(فَيُقَالُ) ولأبي ذرٍّ: «فقال»: (مَاذَا تَنْتَظِرُونَ؟! تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: فَارَقْنَا النَّاسَ) الذين زاغوا (٣) عن الطَّاعة (فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ) أي: أحوج (مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ) في معايشنا ومصالح (٤) دنيانا (وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ) بل قاطعناهم (٥)(وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ) في الدُّنيا (فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ) -زاد مسلمٌ في روايته-: نعوذ بالله منك (لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا؛ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) وإنَّما قالوا ذلك؛ لأنَّه ﷾ تجلَّى لهم بصفةٍ لم يعرفوها، وقال الخطَّابيُّ: قيل: إنَّما حجبهم عن تحقيق الرُّؤية في هذه الكرَّة من أجل مَنْ معهم من المنافقين الذين لا يستحقُّون الرُّؤية وهم عن ربِّهم محجوبون، فإذا تميَّزوا عنهم؛ رُفِعَت الحُجُب، فيقولون عندما يرونه: أنت ربُّنا.
وبقية مباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى في محلِّها [خ¦٧٤٣٧].
(٩) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾؟) استفهام توبيخٍ، أي: فكيف حال هؤلاء الكفَّار أو صنيعهم إذا جئنا من كلٍّ أمَّةٍ بنبيِّهم يشهد على كفرهم، كقوله (٦) تعالى: ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ [المائدة: ١١٧] فـ ﴿كَيْفَ﴾ في موضع رفعٍ خبرُ مبتدأ محذوفٍ، والعامل في ﴿إِذَا﴾ هو هذا المقدَّر، أو في محلِّ نصبٍ بفعلٍ محذوفٍ، أي: فكيف يكونون أو يصنعون؟! ويجري فيها الوجهان؛ النَّصب على التَّشبيه بالحال، كما هو مذهب سيبويه، أو
(١) في (د): «فأشهدهم». (٢) «لا»: مثبتٌ من (ب) و (س)، ولعلَّه هو الصَّواب. (٣) زيد في (س) و (ص): «في الدُّنيا». (٤) في (م): «صالح». (٥) في (د): «قطعناهم». (٦) في (م): «لقوله».