هو ابنُ جبرٍ (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) عبدُ اللهِ بنُ سَخْبَرَةَ (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بنِ مسعودٍ ﵁، أنَّه (قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَحَوْلَ البَيْتِ) الحرام (سِتُّونَ وَثَلَاثُ مِئَةِ نُصُبٍ) بضم النون والصاد المهملة، ما ينصبُ للعِبَادِ من دونِ الله جلَّ وعلا (فَجَعَلَ)﵊(يَطْعُنُهَا) بضم العين على الأرجحِ (بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: جَاءَ الحَقُّ) الإسلامُ أو القرآنُ (وَزَهَقَ البَاطِلُ) اضمحلَّ وتلاشَى (جَاءَ الحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) أي: زالَ الباطلُ وهلكَ؛ لأن الإبداءَ والإعادةَ من صفاتِ (١) الحيِّ، فعدمهما عبارةٌ عن الهلاكِ، والمعنى: جاءَ الحقُّ وهلكَ الباطلُ، وقيل: الباطلُ: الأصنام، وقيل: إبليس؛ لأنَّه صاحبُ الباطلِ، أو لأنَّه هالكٌ، كما قيل له: الشَّيطانُ من شاطَ إذا هلكَ، أي: لا يخلقُ الشَّيطانُ ولا الصَّنمُ أحدًا ولا يبعثه، فالمنشئُ والباعثُ هو اللهُ تعالى لا شريكَ له، وفي مسلم من حديث أبي هريرة:«يطعنُ في عينيهِ بِسِيَةِ القوسِ». وعند الفاكهيِّ من حديثِ ابنِ عُمر وصحَّحه ابنُ حِبَّان:«فيسقطُ الصَّنم ولا يمسُّه» وعند الفاكهيِّ (٢) والطَّبرانيِّ من حديثِ ابن عبَّاس: «فلم يبقَ وثنٌ استقبلهُ إلَّا سقطَ على قفاهُ، مع أنَّها كانت ثابتةً بالأرضِ، قد شدَّ لهم إبليسُ -لعنهُ الله- أقدامَها بالرَّصاصِ» وفعل ﷺ ذلك لإذلالِ الأصنامِ وعابدِيها، ولإظهارِ أنَّها لا تنفعُ ولا تضرُّ، ولا تدفعُ عن نفسها شيئًا.
وحديث الباب سبق في «باب هل تكسر الدنان» من «كتاب المظالم»[خ¦٢٤٧٨].