(٢٨)(بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨]) أي: ذو شورى، يعني (١): لا ينفردون برأيٍ حتَّى يجتمعوا عليه، وقولهِ تعالى:(﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]) استظهارًا برأيهم، وتطييبًا لنفوسهم، وتمهيدًا لسُنَّة المشاورة للأمَّة (وَأَنَّ المُشَاوَرَةَ قَبْلَ العَزْمِ) على الشَّيء (وَ) قبل (التَّبَيُّنِ) وهو وضوح المقصود (لِقَوْلِهِ) تعالى: (﴿فَإِذَا عَزَمْتَ﴾) فإذا قطعت الرَّأي على شيءٍ بعد الشُّورى (﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]) في إمضاء أمرك على ما هو أصلحُ لك (فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ ﷺ) بعد المشورة على شيءٍ وشرع فيه (لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) للنَّهي عن ذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحجرات: ١](وَشَاوَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي المُقَامِ) بضمِّ الميم (٢)(وَالخُرُوجِ (٣)، فَرَأَوْا لَهُ الخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لَامَتَهُ) بغير همزةٍ في الفرع كأصله، وفي غيرهما (٤) بهمزةٍ ساكنةٍ بعد اللَّام، أي: درعه (وَعَزَمَ) على الخروج والقتال وندموا (قَالُوا) له: يا رسول الله (أَقِمْ) -بفتح الهمزة وكسر القاف- بالمدينة، ولا تخرج منها إليهم (فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ) فيما قالوه (بَعْدَ العَزْمِ) لأنَّه يناقض التوكُّل الذي أمره الله به (وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ) بينه وبين عدوِّه، وهذا وصله الطَّبرانيُّ بمعناه من حديث ابن عبَّاسٍ.
(١) في (د): «أي». (٢) قوله: «بضمِّ الميم»: جاء في غير (د) و (ع) بعد قوله: «والخروج» ولعلَّ المثبت هو الصَّواب. (٣) وقع في (ع) بعد لفظ: «المقام». (٤) في (د) و (ع): «غيره».