والعجب كيف خفي هذا على النَّحويِّين حتَّى قلَّد الخالفُ منهم السَّالفَ، وساق فيه كلامًا طويلًا حاصله: أنَّ السَّرَاة مفردٌ لا جمعٌ، واستدلَّ عليه بما تقف عليه من كلامه (حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ) أي: منتشرٌ، ولمَّا أنشد حسَّان هذا أجابه أبو (١) سفيان بن الحارث بقوله (٢):
أدام اللهُ ذلكَ من صنيعٍ … وحرَّق في نواحيها السَّعيرُ
وفي ذلك نزلت ﴿مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً (٣)﴾ … الآية (٤)[الحشر: ٥] وإنَّما قال حسَّان ذلك؛ لأنَّ قريشًا هم الذين حملوا كعب بن أسدٍ صاحب عقد بني قريظة على نقض العهد بينه وبين رسول الله ﷺ حتَّى خرج معهم إلى الخندق، وقيل: إنَّما قطع النَّخل لأنَّها كانت تقابل القوم فقطعت، ليبرز مكانها فتكون مجالًا للحرب.