وظاهر الحديث يدلُّ عليه؛ ولذا رُجِّح تفسير الاستجابة بالطَّاعة، والدَّعوة بالبعث والتَّحريض، وقيل: كان دعاه (١) لأمرٍ لا يحتمل التَّأخير، فجاز قطع الصَّلاة (ثُمَّ قَالَ)﵊: (لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ) من جهة الثَّواب على قراءتها؛ لِمَا اشتملت عليه من الثَّناء والدُّعاء والسُّؤال (قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ) زاد في «الفاتحة»[خ¦٤٤٧٤]: «من المسجد»(فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِيَخْرُجَ) من المسجد (فَذَكَرْتُ لَهُ) وفي «الفاتحة»: «قلت له: ألم تقل: لأُعلِّمنَّك سورةً هي أعظم سورةٍ في القرآن؟».
(وَقَالَ مُعَاذٌ) هو ابن أبي معاذٍ العنبريُّ: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ)(٢) -وسقط «ابن عبد الرَّحمن» لغير أبي ذرٍّ- أنَّه (سَمِعَ حَفْصًا) العمريَّ: (سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ) هو ابن المعلَّى (رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا) الحديث المذكور (وَقَالَ: هِيَ ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] السَّبْعُ المَثَانِي) بالرَّفع بدلًا من ﴿الْحَمْدُ للّهِ﴾ أو عطف بيانٍ، وهذا وصله الحسن بن أبي سفيان، وفائدة إيراده هنا ما فيه من تصريح سماع حفصٍ من أبي سعيدٍ.
(٣)(باب قَوله)﷿: (﴿وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا﴾) أي: القرآن (﴿هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ﴾) منزَّلًا (﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء﴾) عقوبةً لنا على إنكاره، وفائدةُ قوله: ﴿مِّنَ السَّمَاء﴾ والأمطارُ لا تكون إلَّا منها المبالغةُ في العذاب؛ فإنَّها محلُّ الرحمة، كأنَّهم قالوا: بدِّل رحمتك النَّازلة من السَّماء بنزول العذاب منها، أو أنَّها أشدُّ تأثيرًا إذا سقطت من أعلى الأماكن (﴿أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢]) بنوعٍ آخر، والمراد: نفي كونه حقًّا، وإذا انتفى كونه حقًّا؛ لم يستوجب مُنكِرُه عذابًا، فكان تعليق العذاب بكونه حقًّا مع اعتقاد أنه ليس بحقٍّ كتعليقه بالمُحال في قولك: إن كان الباطلُ حقًّا فأمطِرْ علينا حجارةً (٣)، وهذا من عنادهم وتمرُّدهم،
(١) في (د): «دعاؤه». (٢) زيد في (ب): «هو ابن المعلَّى»، وهو سبق نظرٍ. (٣) زيد في (د): «من السماء».