وقال أبو بكر بن عيَّاشٍ: لا تقطر قطرة من السَّماء إلَّا بعد أن تعمل الرِّياح الأربعة فيه، فالصَّبا تهيِّجه، والشَّمال تجمعه، والجنوب تُذرُّه، والدَّبور تفرِّقه.
وقوله: ﴿مِّنْ﴾ (﴿حَمَإٍ﴾ [الحجر: ٢٦]): هو (جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ) بفتح الحاء وسكون الميم (وَهْوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ) الَّذي اسودَّ من طول مجاورة الماء.
(وَالمَسْنُونُ): هو (المَصْبُوبِ) لييبس، كأنَّه أفرغ الحمأ فصوَّر فيه تمثال إنسانٍ أجوف فيبس، حتَّى إذا نُقِر صَلْصَلَ، ثمَّ غيَّره بعد ذلك طورًا بعد طورٍ، حتَّى سواه ونفخ فيه من روحه.
﴿لَا﴾ (﴿تَوْجَلْ﴾ [الحجر: ٥٣]) أي: لا (تَخَفْ) وكان خوفه من توقُّع مكروهٍ؛ حيث دخلوا (١) بغير إذنٍ في غير وقت الدُّخول.
(﴿دَابِرَ﴾) في قوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء﴾ [الحجر: ٦٦] أي: (آخِرَ) ﴿هَؤُلاء مَقْطُوعٌ﴾ مستأصلٌ؛ يعني: يُستأصَلون عن آخرهم حتَّى لا يبقى منهم أحدٌ.
(﴿لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ [الحجر: ٧٩]) قال أبو عبيدة: (الإِمَامُ: كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ بِهِ) وسبق فيه زيادةٌ، حيث ذكر في هذه السُّورة فالتفت إليه، وسقط قوله:«﴿لَبِإِمَامٍ﴾ … » إلى (٢) هنا للحَمُّويي والكُشْميهَنيِّ.
(١)(﴿إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر: ١٨]) الاستثناء منقطعٌ، أي: لكن من استرق السَّمع، أو متَّصلٌ والمعنى: أنَّها لم تحفظ منه، ومحلُّ الاستثناء على الوجهين نصبٌ، ويجوز أن يكون في محلِّ جرٍّ بدلًا من ﴿كُلِّ شَيْطَانٍ﴾ [الحجر: ١٧] أو رفعٌ بالابتداء، وخبرُه الجملةُ من قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾ [الحجر: ١٨] فيكون منقطعًا، واستراقهم: اختلاسهم سرًّا (﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ﴾): شعلةٌ من نارٍ تظهر للنَّاظر
(١) في (د): «نزلوا». (٢) ليست في (ب). (٣) قوله: «﴿الصَّيْحَةُ﴾؛ أي: أخذتهم الهَلَكَةُ»، جاء في (د) و (م) سابقًا بعد لفظ: «فالتفت إليه»، وليس بصحيحٍ.