التَّرجمة بالحضر؛ إشارةً إلى أنَّ التَّقييد بالسَّفر في الآية خرج للغالب، فلا مفهوم له لدلالة الحديث على مشروعيَّته في الحضر، وهو قول الجمهور، واحتجُّوا له من حيث المعنى: بأنَّ الرَّهن شُرِع توثقة (١) على الدَّين؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا﴾ [البقرة: ٢٨٣] فإنَّه يشير إلى أنَّ المراد بالرَّهن: الاستيثاق (٢)، وإنَّما قيَّده بالسَّفر لأنَّه مظنَّة فقد الكاتب، فأخرجه مخرج الغالب، وخالف (٣) في ذلك مجاهدٌ والضَّحَّاك فيما نقله الطَّبريُّ عنهما فقالا: لا يُشرَع إلَّا في السَّفر حيث لا يوجد الكاتب، وبه قال داود وأهل الظَّاهر، وفي رواية أبي ذرٍّ: «وقول الله تعالى: ﴿فَرُهُنٌ (٤) مَّقْبُوضَةٌ﴾» كذا في الفرع، وهو ينافي قول الحافظ ابن حجرٍ: وكلُّهم ذكر الآية من أوَّلها.
٢٥٠٨ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفراهيديُّ، قال:(حَدَّثَنَا هِشَامٌ) الدَّستوائيُّ قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دعامة (عَنْ أَنَسٍ ﵁) أنَّه (٥)(قَالَ: وَلَقَدْ رَهَنَ رَسُولُ اللهِ) هو عطفٌ على شيءٍ محذوفٍ بيَّنه أحمد من طريق أبان العطَّار عن قتادة عن أنسٍ: «أنَّ يهوديًّا دعا رسول الله ﷺ فأجابه». ولقد رهن رسول الله، ولأبي ذرٍّ:«النَّبيُّ»(ﷺ دِرْعَهُ) بكسر الدَّال وسكون الرَّاء (بِشَعِيرٍ) أي: في مقابلة شعيرٍ، فالباء للمقابلة عند أبي الشَّحم اليهوديِّ، وكان قدر الشَّعير ثلاثين صاعًا كما عند المؤلِّف في «الجهاد»[خ¦٢٩١٦] وغيره (٦)[خ¦٤٤٦٧].
قال أنسٌ:(وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِخُبْزِ شَعِيرٍ) بالإضافة (وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ) بكسر الهمزة
(١) «توثقةً»: مثبتٌ من (م). (٢) في (د): «الاستيفاء». (٣) في (د): «وخالفه». (٤) على قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وفي غير (د) و (س): «﴿فَرِهَانٌ﴾»، على قراءة الجمهور. (٥) «أنَّه»: ليس في (د). (٦) «وغيره»: ليس في (د ١) و (ص).