قال المظهريُّ: الفاء للتَّعقيب، وظاهره يدلُّ على أنَّه ﷺ نفثَ في كفَّيهِ أولًا ثمَّ قرأ، وهذا لم يقلْ بهِ أحدٌ، وليس فيه فائدةٌ، ولعلَّ هذا سهوٌ من الكاتبِ أو من راوٍ؛ لأنَّ النَّفث ينبغي أن يكون بعد التِّلاوة؛ ليوصلَ بركة القرآنِ واسم الله تعالى إلى بشرةِ القارئ أو المقروءِ له. انتهى.
وتعقَّبه الطِّيبي فقال: من ذهبَ إلى تخطئةِ الرُّواة الثِّقات العدولِ، ومن اتَّفقت الأمَّة على صحةِ روايتهِ وضبطهِ وإتقانهِ بما سنحَ لهُ من الرَّأي الَّذي هو أوهنُ من بيتِ العنكبوتِ؛ فقد خطأ نفسهُ، وخاضَ فيما لا يعنيهِ، هلَّا قاسَ هذه الفاء على ما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ﴾ [النحل: ٩٨] وقوله: ﴿فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤] على أنَّ التَّوبة عينُ القتلِ، ونظائرهُ (٣) في كلامِ اللهِ تعالى العزيز غيرُ عزيزٍ، والمعنى: جمع كفَّيه، ثمَّ عزمَ على النَّفث فيهما فقرأ فيهما،
(١) قوله: «وكذا كان ﵊ يقرأ بهنَّ على نفسه»: ليس في (د). (٢) قوله: «بضمِّ الميم وفتح الفاء … في تضعيفهِ»: ليس في (د). (٣) في (ب) و (د) و (س): «نظيره».