عليه» يُحتملُ أن يكون منصوب المحلِّ ومجرورَه على التقديرين، والمعنى: دع ما اطلعتم عليه مِن نعيم الجنَّة وعرفتموه من لذاتها. انتهى. زاد الخطَّابيُّ: فإنَّه سهلٌ يسيرٌ في جنب ما ادَّخرتُه لهم.
(ثُمَّ قَرَأَ)﵊: (﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٧]) ﴿جَزَاء﴾ مفعولٌ له، أي: أُخفِيَ للجزاء، فإنَّ إخفاءَه لعلوِّ شأنه، أو مصدرٌ مؤكِّدٌ لمعنى (١) الجملة قبلَه، أي: جُزُوا جزاءً، وقولُ الزمخشريِّ: فحَسَمَ أطماعَ المتمنِّين؛ يعني: بقوله: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ نزعةٌ اعتزاليَّةٌ، ومرادُه بـ «المتمنين»: أهلُ السُّنَّة القائلين بأنَّ المؤمنَ العاصي موعودٌ بالجنَّة لا بُدَّ له منها، وفاءً بعهدِه تعالى؛ لأنَّه وعدَه بها، ووعدُه حقٌّ، وجعلَ العملَ كالسبب للوعد، فعبَّر به في قوله: ﴿جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ عنه؛ لصدق الوعد في النفوس، وتصويره بصورة المستحَقِّ بالعمل كالأجرة مِن مجاز التشبيه، وعند أبي ذرٍّ تقديم:«حدَّثني إسحاق بن نصر … » إلى آخره، ﴿يَعْمَلُونَ﴾ على قوله:«قال أبو معاوية عن الأعمش»(٢).
وهذا الحديث من أفراده.
(((٣٣))) (الأَحْزَابُ) مدنيَّةٌ، وهي ثلاثٌ وسبعون آيةً، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر:«سورة الأحزاب، بسم الله الرحمن الرحيم»، وسقطت البسملة لغيرهما كلفظ السورة. نعم، ثبتت للنسفيِّ كهُما.
(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفِريابيُّ من طريق ابن أبي نَجيحٍ عنه في قوله: (﴿صَيَاصِيهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٦]) هي (قُصُورهمْ) وحصونهم، جمع صيصة، يقال لكلِّ ما يُمتنَع به ويُتحصَّن: صيصة، ومنه قيل لقرن الثور ولشوكة الديك: صِيصَة، والصياصي أيضًا: شوكة الحاكة، وتُتخذ مِن حديد، قال دريدُ بن الصِّمَّة:
..................... … كَوَقْعِ الصّياصي في النَّسيجِ المُمَدَّدِ
(١) في (د): «بمعنى»، والصواب المثبت. (٢) قوله: «وعند أبي ذرٍّ تقديم: حدَّثني إسحاق بن نصر … إلى آخر ﴿يَعْمَلُونَ﴾ على قوله: قال أبو معاوية عن الأعمش»، سقط من (د).