(١١)(باب قِيَامِ النَّبِيِّ ﷺ) أي: صلاته (بِاللَّيْلِ وَنَوْمِهِ) بواو العطف، ولأبي ذرٍّ:«من نومه»(وَ) باب (مَا نُسِخَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على قوله: «وما نُسخ»: (﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾) أصله: المتزمِّل؛ وهو الذي يتزمَّل في الثِّياب، أي: يلتفُّ فيها، قُلِبت التَّاء زايًا، وأدغمت في الأخرى، أي: يا أيَّها المتلفِّفُ (١) في ثيابه، وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ قال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ أي: يا محمَّد، قد زمَّلت القرآن (﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾) منه (﴿نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [المزمل: ١ - ٣]) أي: على النِّصف، وهو بدلٌ من ﴿اللَّيْلَ﴾ و ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ استثناءٌ من النِّصف، كأنَّه قال: قُمْ أقلَّ من نصف اللَّيل، والضَّمير في ﴿مِنْهُ﴾ للنِّصف؛ والمعنى: التَّخيير بين أمرين: أن يقوم أقلَّ من النِّصف على البَتِّ، وبين أن يختار أحد الأمرين: النُّقصان من النِّصف، والزِّيادة عليه، قاله في «الكشَّاف»، وتعقَّبه في «البَحر» بأنَّه يلزم منه التَّكرار؛ لأنَّه على تقدير (٢): قم أقلَّ من نصف اللَّيل؛ يكون قوله: ﴿أَوِ انقُصْ﴾ مِن نصف اللَّيل تكرارًا، أو بدلٌ (٣) من ﴿قَلِيلًا﴾ فكأنَّ في الآية تخييرًا بين ثلاثٍ: بين قيام النِّصف بتمامه، أو قيام أنقصَ منه (٤)، أو أزيد، ووُصِفَ النِّصف بالقلَّة بالنِّسبة إلى الكلِّ، قال في «الفتح»: وبهذا -أي: الأخير- جزم الطَّبريُّ، وأَسنَد ابن أبي حاتم معناه عن عطاء الخراسانيِّ، وفي حديث مسلمٍ من طريق سعد بن هشامٍ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:«افترض الله تعالى قيام اللَّيل في أوَّلِ هذه السُّورة» -يعني: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ - فقام نبيُّ الله ﷺ وأصحابه حولًا حتَّى أنزل الله في آخر هذه السُّورة التَّخفيف، فصار قيام
(١) في غير (ص): «الملتف». (٢) في غير (د): «تقديره». كذا في البحر المحيط. (٣) في غير (د) و (س): «بدلًا». (٤) «منه»: ليس في (د).