لاشتغاله بما كان من نزولِ الوحي (ثُمَّ سَأَلَهُ) عمر (فَلَمْ يُجِبْهُ)﵊(ثُمَّ سَأَلَهُ فُلَمْ يُجِبْهُ) تكرير السُّؤال ثلاثًا يحتمل أنَّه خشيَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يكن سمعهُ (١)(فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْ) بفتح المثلثة وكسر الكاف، أي: فقدت (أُمُّ عُمَرَ) عمر، دعا على نفسه بسببِ ما وقع منه من الإلحاحِ. وقال ابنُ الأثيرِ: دعا على نفسه بالموتِ، والموت يعمُّ كلَّ أحدٍ، فإذن الدُّعاءُ كلا دعاء، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ:«ثكلتكَ أم عمرَ»(نَزَرْتَ) بزاي مفتوحة مخفَّفة وتثقَّل فراء ساكنة (رَسُولَ اللهِ ﷺ) ألححتَ عليه وبالغتَ في السُّؤال (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «فقال»(عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ القُرْآنُ) بتشديد ياء «فيَّ» ولأبي ذرٍّ: «قرآن» بإسقاط آلة التَّعريف (فَمَا نَشِبْتُ) بفتح النون وكسر المعجمة وبعد الموحدة الساكنة فوقية، فما لبثت، وما تعلَّقتُ بشيءٍ (أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا) لم يسمَّ (يَصْرُخُ بِي، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ) أي: بعد أن ردَّ عليَّ السلام: (لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) لما فيها من البشارةِ بالمغفرةِ والفتحِ وغيرهما، واللَّام في لهي للتَّأكيد (ثُمَّ قَرَأَ)﵊: (﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ [الفتح: ١]).
وهذا الحديث أخرجه في «المغازي»[خ¦٤١٧٧].
٤٨٣٤ - وبه قال:(حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: «حَدَّثني» بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالمعجمة المشددة، بُنْدار العبديُّ البصريُّ قال:(حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) هو لقب محمد (٢) بن جعفر قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج قال: (سَمِعْتُ قَتَادَةَ) بنَ دعامةَ (عَنْ أَنَسٍ ﵁) في قولهِ تعالى: (﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ قَالَ): هو (الحُدَيْبِيَةُ) أي: الصُّلحُ الواقعُ فيها، وجعله فتحًا باعتبارِ ما فيه من المصلحةِ وما آلَ
(١) في (ص): «يسمعه». (٢) قوله: «محمد»: ليس في (ص).