أو بـ «ساجدون» أو بهما، أو بالصِّفات الأربعة المتقدِّمة، أو بالخمسة على طريق التَّنازع، وقول ابن بطَّالٍ:«إنَّ المشيئة لا تتعلَّق بقوله: «آيبون» لوقوع الإياب، وإنَّما تتعلَّق بباقي الكلام الَّذي لم يقع (١) بعد، والنَّبيُّ ﷺ قد تقرَّر عنده أنَّه لا يزال تائبًا عابدًا ساجدًا، لكن هذا (٢) أدب الأنبياء ﵈، يظهرون الافتقار إلى الله تعالى مبالغةً في شكره وإن علموا حقيقة مقامهم الشَّريف عنده، وأنَّهم آمنون ممَّا يخافه غيرهم». تعقَّبه ابن المُنَيِّر فقال: الظَّاهر أنَّ المشيئة إنَّما علَّق عليها الإياب خاصَّةً. وقوله:«قد وقع فلا تعلُّق» وَهَمٌ، لأنَّ الإياب المقصود إنَّما هو الرُّجوع الموصل إلى نفس الوطن، وهو مستقبل بعد، فلا يصحُّ أن يعلِّق النَّبيُّ ﷺ بقيَّة الأفعال على المشيئة لأنَّه قد حمد الله تعالى ناجزًا، وعبَده دائمًا، والعمل النَّاجز لا ينبغي تعليقه على المشيئة (٣)، ولو صلَّى إنسانٌ الظُّهر فقال: صلَّيت إن شاء الله لكان غلطًا منه، لأنَّ الله قد أمره أن يصلِّي وصلَّى، فلا تشكيك في معلومٍ، وبعض الصُّوفيَّة لا يقول: حججت، ولكن يقول: وصلت إلى مكَّة، وهذا تنطُّعٌ أجمع السَّلف على خلافه (صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ) فيما وعد به من إظهار دينه (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) محمَّدًا ﷺ على أعدائه (وَهَزَمَ الأَحْزَابَ) الَّذين تحزَّبوا في غزوة الخندق لحربه ﵊، فاللَّام للعهد، أو كلُّ من تحزَّب من الكفَّار (٤) لحربه، فتكون جنسيَّةً، وفي قوله:(وَحْدَهُ) نفي السَّبب فناءً في المسبِّب.
وهذا الحديث قد سبق في «باب التَّكبير إذا علا شرفًا» من «كتاب الجهاد»[خ¦٢٩٩٥].
(١) قوله: «لم يقع» زيادة من ابن بطال ومصابيح الجامع. (٢) زيد في (د): «هو». (٣) قوله: «لأنه قد حمد … المشيئة» سقط من (د). (٤) في (م): «الكافرين».