الذي لا ارتياب فيه، فإن قلت: قول إبراهيم ﵊: ﴿لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ يشعر ظاهره بفقد الطُّمأنينة عند السُّؤال؛ قلت: معناه: ليزول عن قلبي الفكر في كيفيَّة الإحياء بتصويرها مشاهدةً، فتزول الكيفيَّات المحتملة. انتهى. وقيل: إنَّ إبراهيم ﵊ إنَّما أراد اختبار منزلته عند ربِّه، وعلم إجابة دعوته بسؤال ذلك من ربِّه تعالى، ويكون قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾؟ أي: ألم تصدِّق بمنزلتك منِّي وخلَّتك واصطفائك؟! ولا يُفهَم الشَّكُّ من قوله: ﴿أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾؟ لأنَّ الموقن (١) بإتقان إنسانٍ صنعةً علمًا قطعيًّا لا يلزم من قوله: «أرني كيفيَّة فعلها؟» أن يكون شاكًّا في كونه يصنع ذلك؛ إذ هو مقامٌ آخرُ، وإنَّما فُهِم الشَّكُّ من قوله له: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾؟ فَفُهِم ذلك من مجموع الكلام (٢)، فَجَرَتِ المسألةُ في هذا المقام الجوابَ عن قوله: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِن﴾؟ وقوله: ﴿بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ ولا شكَّ في إيمانه بذلك وطمأنينة قلبه كما وقع ذلك سؤالًا وجوابًا واستدراكًا (٣)، وزاد في نسخةٍ هنا: «﴿فَصُرْهُنَّ﴾: قطِّعهنَّ (٤)» وقد سبق.
وهذا الحديث قد ذكره المؤلِّف في «كتاب الأنبياء»[خ¦٣٣٧٢].
(٤٧)(بابُ قَوْلِهِ)﷿: (﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ﴾) قال البيضاويُّ كالزَّمخشريِّ: الهمزة في ﴿أَيَوَدُّ﴾ للإنكار (﴿أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ﴾) في موضع رفعٍ صفةً لـ ﴿جَنَّةٌ﴾ أي: كائنةٌ من النَّخيل (٥)(﴿وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾) جملة ﴿تَجْرِي﴾ صفةٌ لـ ﴿جَنَّةٌ﴾ أو حالٌ منها؛ لأنَّها قد
(١) في (د): «المؤمن». (٢) قوله: «وقيل: إنَّ إبراهيم ﵊ إنَّما … فَفُهِم ذلك من مجموع الكلام»، سقط من (ص). (٣) قوله: «فجرت المسألة في هذا المقام الجوابَ … وقع ذلك سؤالًا وجوابًا واستدراكًا»، سقط من (د) و (ص). (٤) في (د): «فقطِّعهنَّ». (٥) في (د): «نخيلٍ».