الاستئناف، ولأبي ذرٍّ:«وقال الله تعالى»: (﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: ٢٦]) تعليلٌ شائعٌ يجري مجرى الدَّليل على أنَّه حقيقٌ بالاستئجار، وللمبالغة فيه جعل «خير» اسمًا، وذكر الفعل بلفظ الماضي، للدَّلالة على أنَّه أمر مُجرَّبٌ معروفٌ، وأشار بذلك إلى قصَّة موسى ﵊ مع ابنة (١) شُعَيبٍ في سقيه المواشي، قال شريحٌ القاضي وأبو مالكٍ وقتادة ومحمَّد بن إسحاق وغير واحدٍ فيما قاله ابن كثيرٍ في «تفسيره»: لمَّا قالت: ﴿اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت: إنَّه رفع الصَّخرة التي لا يطيق حملها إلَّا عشرة رجالٍ، ولمَّا جئتُ معه تقدَّمتُ أمامه، فقال: كوني من ورائي، فإذا اختلفت الطَّريق (٢) فاحذفي لي بحصاةٍ أعلم بها كيف الطَّريق لأهتدي إليه (وَالخَازِنِ الأَمِينِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ) من الأئمَّة (مَنْ أَرَادَهُ) أي: لا يفوِّض الأمر إلى الحريص على العمل؛ لأنَّه لحرصه لا يُؤمَن، وهذان الجزءان من جملة التَّرجمة، وقد ساق لكلٍّ منهما حديثًا.
٢٢٦٠ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) الفريابيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) بضمِّ المُوحَّدة وسكون الرَّاء، بريد بن عبد الله، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (جَدِّي أَبُو بُرْدَةَ) عامرٌ على الأشهر (عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيسٍ (الأَشْعَرِيِّ ﵁) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِي يُؤَدِّي) يعطي (مَا أُمِرَ بِهِ) بضمِّ الهمزة على صيغة المجهول، من الصَّدقة، حال كونه (طَيِّبَةً) بما يؤدِّيه (نَفْسُهُ) رُفِع بـ «طيِّبةً»، ولأبي ذرٍّ:«طيِّبٌ نفسُهُ» برفعهما على أنَّ «طيِّبٌ» خبر مبتدأٍ محذوفٍ، و «نفسُه»: فاعله، أو توكيدٌ، وقال الكِرمانيُّ: وفي بعضها: «طيبَ نفسِه» مضافًا إلى النَّفس، وإنَّما انتصب حالًا، والحال لا يكون معرفةً؛ لأنَّ الإضافة لفظيَّةٌ فلا تقبل التَّعريف، وقوله:«الخازن» مبتدأٌ، خبرُه (أَحَدُ المُتَصَدِّقَِيْنَِ) بفتح القاف على التَّثنية، ويجوز كسرها على الجمع، وهما في الفرع وأصله (٣)، واستُشكِل سياق
(١) في (ب): «ابنه»، وهو تصحيفٌ. (٢) في (ص) و (م): «الطُّرق». (٣) «وأصله»: ليس في (د ١) و (م).