النَّاس (وَيُعَلِّمُهَا) لهم، وأطلق «الحسد» وأراد به الغبطة، وحينئذٍ فهو من باب (١) إطلاق المُسبَّب على السَّبب، ويؤيِّده ما عند المؤلِّف في «فضائل القرآن» من حديث أبي هريرة ﵁ بلفظ: «فقال: ليتني أُوتيت مثل ما أُوتِيَ فلانٌ فعملت بمثل ما يعمل»[خ¦٥٠٢٦] فلم يتمنَّ السَّلب، بل أن يكون مثله، أو الحسد على حقيقته، وخُصَّ منه المُستثنَى لإباحته كما خُصَّ نوعٌ من الكذب بالرُّخصة وإن كانت جملته محظورةً، فالمعنى هنا: لا إباحة في شيءٍ من الحسد إلَّا فيما كان هذا سبيله، أي: لا حسدَ محمودٌ إلَّا في هذين، فالاستثناء على الأوَّل من غير الجنس، وعلى الثَّاني منه، كذا قرَّره الزَّركشيُّ، والبرماويُّ والكِرمانيُّ، والعينيُّ. وتعقَّبه (٢) البدر الدَّمامينيُّ: بأنَّ الاستثناء متَّصلٌ على الأوَّل قطعًا، وأمَّا على الثَّاني (٣) فإنَّه يلزم عليه إباحة الحسد في الاثنتين كما صرَّح به، والحسد الحقيقيُّ -وهو كما تقرَّر تمنِّي زوال نعمة المحسود عنه وصيرورتها إلى الحاسد- لا يُباح أصلًا، فكيف يُبَاح تمنِّي زوال نعمة الله تعالى عن المسلمين القائمين بحقِّ الله فيها؟ انتهى.
(١٦)(بابُ مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى) بن عمران زاد الأَصيليُّ: «ﷺ» المُتوفَّى وعمره مئةٌ وستُّون سنةً -فيما قاله العزيزِيُّ (٤) - في التِّيه في سابع آذار، لمضيِّ ألف سنةٍ وستِّ مئةٍ
(١) في (م): «قبيل». (٢) في (ص): «تعقَّب القول الثَّاني منهما». (٣) قوله: «بأنَّ الاستثناء متَّصلٌ على الأوَّل قطعًا، وأمَّا على الثَّاني» ليس في (ص). (٤) في (ب) و (س): «الفربريُّ».