سبق رحمتِه غضبَه فظاهرٌ؛ لأنَّ من غضب عليه من خلقه لم يخيِّبه في الدُّنيا من رحمته، وقال غيره: إنَّ رحمته لا تنقطع عن أهل النَّار المخلَّدين من الكفَّار؛ إذ في قدرته تعالى أن يخلق لهم عذابًا يكون عذاب النَّار يومئذٍ لأهلها رحمةً وتخفيفًا بالإضافة إلى ذلك العذاب.
٧٥٥٤ - وبه قال:(حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: بالجمع (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ) بالغين المعجمة وكسر اللَّام أبو عبد الله القومسيُّ -بالقاف والميم والسِّين المهملة- نزل بغداد، ويقال له: الطَّيالسيُّ، وكان حافظًا من أقران البخاريِّ قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) البصريُّ، ويقال له: ابن أبي سمينة بالسِّين المهملة وبالنُّون بوزن «عظيمة» ولم يتقدَّم له في البخاريِّ ذكرٌ، قال:(حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) قال: (سَمِعْتُ أَبِي) سليمان بن طرخان التَّيميَّ (يَقُولُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دعامة: (أَنَّ أَبَا رَافِعٍ) نُفيعًا الصَّائغ المدنيَّ (١)(حَدَّثَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ)﷿(كَتَبَ كِتَابًا) إمَّا حقيقةً عن كتابة اللَّوح المحفوظ، أي: خلق صورته فيه، أو أمر بالكتابة (قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ) وفي الحديث السَّابق [خ¦٧٥٥٣]: «لمَّا قضى الله الخلق كتب» ففيه: أنَّ الكتابة بعد الخلق، وقال هنا (٢): «قبل أن يخلق الخلق» فالمراد من الأوَّل: تعلُّق الخلق، وهو حادثٌ فجاز أن يكون بعده، وأمَّا الثَّاني فالمراد منه: نفس الحكم وهو أزليٌّ؛ فبالضَّرورة يكون قبله، والحديث سبق مرارًا، والله الموفِّق والمعين.
(١) لا يتعارض هذا مع ما سبق من أنه بصري، فهو مدني نزل البصرة. (٢) «هنا»: ليس في (د).