(فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى) بضم أوَّله وفتح ثالثه (بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ) تجتمعُ وتلتقِي على من فيها، ولا ينشئُ الله لها خلقًا (وَلَا يَظْلِمُ اللهُ ﷿ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا) لم يعملْ سوءًا، وللمعتزلةِ أن يقولوا: إنَّ نفي الظُّلمِ عمَّن لم يذنِب دليلٌ على أنَّه إن عذَّبهم كان ظلمًا (١) وهو عينُ مذهبنا. والجوابُ: إنَّا وإن قلنَا: إنَّه تعالى وإن عذَّبهم لم يكن ظَالمًا؛ فإنَّه (٢) لم يتصرَّف في ملكِ غيره، لكنَّه تعالى لا يفعلُ ذلك لكرمهِ ولطفهِ مبالغةً، فنفيُ الظُّلمِ إثباتُ الكرم (وَأَمَّا الجَنَّةُ فَإِنَّ اللهَ ﷿ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا) لم تعملْ خيرًا حتَّى تمتلئَ، فالثَّوابُ ليس موقوفًا على العملِ، وفي حديث أنس عند مسلم مرفوعًا:«يَبقَى من الجنَّةِ ما شاءَ اللهُ ثمَّ ينشئُ اللهُ لها خلقًا ممَّا يشاءُ»، وفي رواية له:«ولا يزَالُ في الجنَّةِ فضلٌ حتَّى ينشئَ اللهُ لها خلقًا فيسكنَهُم فضلَ الجنَّةِ».
(٢)(باب (٣): ﴿وَسَبِّحْ﴾) ولغير أبي ذرٍّ: «فَسبِّح» بالفاء، والموافق للتَّنزيل الأوَّل (﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾) أي: نزِّههُ واحمدهُ حيث وفَّقكَ لتسبيحهِ، فالمفعولُ محذوفٌ للعلمِ به، أي: نزِّه الله بحمدِ ربِّك، أي: متلبِّسًا (٤) أو مقترِنًا بحمدِ ربِّكَ، وأعاد الأمرَ بالتَّسبيح في قولهِ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ﴾ [ق: ٤٠] للتَّأكيد، أو (٥) الأوَّل بمعنى الصَّلاة، والثَّاني بمعنى التَّنزيهِ والذِّكر (﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾) صلاة الصُّبحِ (﴿وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩]) العصر، وقيل: قبل الطُّلوعِ (٦) الصُّبحُ، وقبل الغروبِ الظُّهر والعصرُ، ومن اللَّيلِ العشاءان والتَّهجُّدُ.
(١) في (م) و (د): «لم يكن ظالمًا». (٢) في (ب): «فإن». (٣) قوله: «باب»: ليست في (س) و (ص). (٤) في (م) و (ص): «ملتبسًا». (٥) في (م): «و». (٦) في (ب): «طلوع».