وقيل:(١)«إنْ» نافيةٌ، واللَّام مؤكِّدَةٌ لها، كقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣] والمعنى: ومُحالٌ أن تزول الجبال بمكرهم على أنَّ الجبال مَثَلٌ لآيات الله وشرائعه، لأنَّها بمنزلة الجبال الرَّاسية ثباتًا وتمكُّنًا، وتنصره قراءة ابن مسعودٍ:(وما كان مكرهم)، وقُرِئ: ﴿لَتَزُولُ﴾ بلام الابتداء على معنى: وإن كان مكرهم من الشِّدَّة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع (٢) عن أماكنها (﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ [إبراهيم: ٤٧]) يعني قوله: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا﴾ [غافر: ٥١] ﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: ٢١] وأصله: مُخْلِفَ رُسُلِه وعدَه، فقدَّم المفعول الثَّاني على الأوَّل إيذانًا بأنَّه لا يخلف الوعد (٣) أصلًا، كقوله: ﴿إِنَّ اللّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ٩] وإذا لم يخلف وعده أحدًا، فكيف يخلف رسله؟ (﴿إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ﴾) غالبٌ لا يمُاكَر، قادرٌ لا يُدافَع (﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾) لأوليائه من أعدائه -كما مرَّ- ولفظ رواية أبي ذرٍّ:«﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾»، وعنده بعد قوله: ﴿وَأَنذِرِ النَّاسَ﴾ … «الآية».
(١)(باب: قصاص المَظَالِمِ)(٤) أي: يوم القيامة (٥)، وسقط التَّبويب والتَّرجمة هنا لأبي ذرٍّ، وثبتا عنده بعد قوله:«المقنع والمقمح واحدٌ»، وسقطت الواو من قوله «وقال مجاهدٌ».
(١) زيد في (ص): «إنَّ». (٢) في (د) و (ص): «وتنقطع». (٣) في (د): «الميعاد». (٤) في (ب): «الظَّالم»، وهو تحريفٌ. (٥) «يوم القيامة»: ليس في (ص) و (م)، و «القيامة»: ليس في (ل).