(١٣) (باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللهِ) لأفعلنَّ كذا، لعمرك (١) مبتدأ محذوفُ الخبرِ وجوبًا، ومثلُه أيمن (٢) الله، ولأفعلنَّ جواب القسمِ، وتقديرُه: لعمرُك قسمِي، أو يمينِي. والعَُمر -بالفتح والضم-: هو البقاء إلَّا أنَّهم التزمُوا الفتحَ في القسمِ. قال الزَّجَّاج: لأنَّه أخفُّ عليهم وهم يكثرون القسمَ بـ «لعَمري ولعَمرك» وله أحكام منها: أنَّه متى اقترن بلام الابتداءِ لزم فيه الرَّفع بالابتداء، وحذف خبرُه لسدِّ جواب القسمِ مسدَّه، ومنها أنَّه يصير صريحًا في القسمِ، أي: يتعيَّن فيه بخلافِ غيره نحو عهدُ الله وميثاقه، ومنها أنَّه يلزمُ فتح عينهِ، فإن لم تقترنْ به لام الابتداء جازَ نصبه بفعل مقدَّر نحو: عَمْرُ اللهَُ لأفعلنَّ، ويجوز حينئذٍ في الجلالة الشَّريفة وجهان النَّصب والرَّفع، فالنَّصب على أنَّه مصدرٌ مضاف لفاعلهِ، وفي ذلك معنيان: أحدهما: أنَّ الأصل: أسألك بتعميرِكَ الله، أي: بوصفِكَ الله تعالى بالبقاءِ، ثمَّ حذف زوائد المصدر، والثَّاني: أنَّ المعنى: عبادتك اللهَ، والعَمر العبادةُ. وأمَّا الرَّفع فعلى أنَّه مضاف لمفعوله. قال الفارسيُّ: معناه: عمرك اللهُ تعميرًا، وجاز أيضًا ضمّ عينه، وينشدُ بالوجهين قوله:
أَيُّهَا المُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا … عَُمْرُكَ اللهُ كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ
ويجوز دخولُ باء الجرِّ نحو بعمرك لأفعلنَّ، قال:
رُقَيَّ بعَمْرِكُمْ لَا تَهْجُرِينَا … ومَنِّيْنَا المُنَى ثُمَّ امْطُلِينَا
وهو من الأسماءِ اللَّازمة للإضافةِ فلا يقطعُ عنها، وزعمَ بعضُهم أنَّه لا يضافُ إلى اللهِ تعالى، وقد سُمِعَتْ، قال (٣) الشَّاعر:
إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ … لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
ومنع بعضهم إضافته إلى ياء (٤) المتكلِّم؛ لأنَّه حلفَ بحياةِ المقسم، وقد وردَ ذلك، قال
(١) «لعمرك»: ليست في (ع) و (د).(٢) في (س) و (ص): «لأيمن».(٣) في غير (س) و (ص): «قول».(٤) في (ص): «لياء».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute