الأولى المشددة (١)، ابنِ الأرتِّ (نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوَى) في بطنهِ (سَبْعَ كَيَّاتٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا الَّذِينَ سَلَفُوا) أي: ماتوا في حياتهِ ﷺ(مَضَوْا) ماتُوا (وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا) من أجورهِمْ شيئًا فلم يستعجلُوا ما فيها بل صارتْ مدَّخرة لهم في الآخرة. وقال الكِرمانيُّ: أي: لم تجعلْهم (٢) الدُّنيا من أصحابِ (٣) النُّقصان بسببِ اشتغالِهم بها، أي: لم يطلبوا الدُّنيا ولم يحصلوها حتَّى يلزم بسببهِ فيهم نقصانٌ إذ الاشتغالُ بها اشتغال عن الآخرةِ. قال الشَّاعر:
(وَإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نَجِدُ لَهُ مَوْضِعًا) نصرفه فيه (إِلَّا التُّرَابَ) يعني البنيان. وعند أحمدَ في هذا الحديث بعد قوله: إلَّا التُّراب، وكان يبني حائطًا له (وَلَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ) أي: على نفسِي قال ذلك لأنَّه ابتُلي في جسدهِ ابتلاءً شديدًا، وهو أخصُّ من تمنِّيه، فكلُّ دعاءٍ تمنٍّ من غير عكسٍ، ومن (٤) ثمَّ أدخلهُ في التَّرجمة. قال قيس:(ثُمَّ أَتَيْنَاهُ) أي: أتينا خبَّابًا (مَرَّةً أُخْرَى وَهْوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ المُسْلِمَ يُوجَرُ) ولأبي ذرٍّ: «ليؤجر»(فِي كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إِلَّا فِي شَيْءٍ يَجْعَلُهُ فِي هَذَا التُّرَابِ) أي: في البنيانِ الزَّائد على الحاجة، وتكرارُ المجيءِ ثبتَ في روايةِ شعبة وهو أحفظُ، فزيادتُه مقبولةٌ، والظَّاهر أنَّ قصَّة بناءِ الحائطِ كانت سببًا لقوله: وإنَّا أصبنَا من الدُّنيا … إلى آخره.
وهذا الحديثُ أخرجهُ المؤلِّف أيضًا في «الدَّعوات»[خ¦٦٣٤٩] و «الرِّقاق»[خ¦٦٤٣٠]، ومسلم في «الدَّعوات»، والنَّسائيُّ في «الجنائزِ».
(١) في (ب): «المشددتين». (٢) في (م): «تحظهم». (٣) في (ب) و (س): «أهل». (٤) «ومن»: ليست في (ص).