قوَّتهم، وعند أبي داود بإسنادٍ صحيحٍ عن رجلٍ من (١) الصَّحابة قال: نهى النبي ﷺ عن الحجامة والمواصلة ولم يحرِّمهما (٢) إبقاءً على أصحابه.
(و) بابُ (مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ) وهو المبالغة في تكلُّف ما لم يُكلَّف به.
١٩٦١ - وبالسَّند قال:(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (٣)(قَالَ: حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (يَحْيَى) بن سعيدٍ القطَّان (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد أيضًا (قَتَادَةُ) بن دِعَامة (عَنْ أَنَسٍ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه (قَالَ) لأصحابه: (لَا تُوَاصِلُوا) نهيٌ يقتضي الكراهة، وهل هي للتَّنزيه أو للتَّحريم؟ والأصحُّ عند الشَّافعيَّة التَّحريم، قال الرَّافعيُّ: وهو ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ، وكرهه مالكٌ، قال الأبيُّ: ولو إلى السَّحَر (٤)، واختار اللَّخميُّ جوازَه إلى السَّحَر لحديث:«من واصل؛ فليواصل إلى السَّحَر»، وقول أشهب: -من واصل (٥) أساء- ظاهره التَّحريم، وقال ابن قدامة في «المغني»: يُكرَه للتَّنزيه لا للتَّحريم، ويدلُّ للتَّحريم قوله في رواية ابن خزيمة من طريق شعبة بهذا الإسناد:«إيَّاكم والوصال»(قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ!) لم يُسَمَّ القائلون، وفي رواية أبي هريرة الآتية -إن شاء الله تعالى- أوَّل الباب اللَّاحق [خ¦١٩٦٥]«فقال رجلٌ من المسلمين» وكأنَّ القائل واحدٌ ونُسِب إلى الجميع لرضاهم به، وفيه: دليلٌ على استواء المُكلَّفين في الأحكام، وأنَّ كلَّ حكمٍ ثبت في حقِّه ﵊ ثبت في حقِّ أمَّته إلَّا ما استُثني، فطلبوا الجمع بين قوله في النَّهي وفعله الدَّالِّ على الإباحة، فأجابهم باختصاصه به، حيث (قَالَ)﵊: (لَسْتُ) ولابن عساكر: «إنِّي لست»(كَأَحَدٍ مِنْكُمْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «كأحدكم»(إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى) بضمِّ الهمزة فيهما (أَوْ) قال: (إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى) حقيقةً، فيُؤتَى بطعامٍ وشرابٍ من عند الله تعالى
(١) في (ب): «عن»، وهو تحريفٌ. (٢) في غير (ب) و (س): «يحرِّمها»، والمثبت موافقٌ لما في «سنن أبي داود». (٣) «هو ابن مسرهدٍ»: مثبتٌ من (ب) و (د) و (س). (٤) في (د): «السُّحور». (٥) زيد في (د) وهامش (ل): «فقد».