(﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا﴾ [الشورى: ١٥]) أي: (لَا خُصُومَةَ) ولأبي ذرٍّ: «﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ لا خصومةَ بيننَا وبينكُم». قال في «اللباب»: وهذه الآية نسختها آيةُ القتال. وقال في «الأنوار»: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ﴾ لا حجَاج بمعنى: لا خصومةَ؛ إذ الحقُّ قد ظهرَ ولم يبق للمحاجَّةِ (١) مجالٌ ولا للخلافِ مبدأ سوى العنادِ، وليس في الآيةِ ما يدلُّ على متاركةِ الكفَّارِ رأسًا حتَّى تكونَ منسوخةً بآيةِ القتالِ.
(﴿طَرْفٍ﴾) ولأبي ذرٍّ: «﴿مِن طَرْفٍ﴾»(﴿خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥]) أي: (ذَلِيلٍ) بالمعجمة، كما ينظرُ المصبورُ إلى السَّيف؛ فإن قلتَ: إنَّه تعالى قال في صفةِ الكفَّارِ: إنَّهم يحشرونَ عُميًا، وقال هنا: ﴿يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾. أُجيب بأنَّه لعلَّهم يكونونَ (٢) في الابتداءِ كذلك، ثمَّ يصيرون عُميًا.
(وَقَالَ غَيْرُهُ) غير مجاهدٍ: (﴿فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ﴾ [الشورى: ٣٣]) أي: (يَتَحَرَّكْنَ) يعني: يضطربنَ (٣) بالأمواجِ (وَلَا يَجْرِينَ فِي البَحْرِ) لسكون الرِّيحِ، وقول صاحب «المصابيح»: كأنَّه سقطَ منه: لا -يعني: قبل «يتحرَّكنَ» - ولهذا فسَّر ﴿رَوَاكِدَ﴾ بسواكنَ؛ يندفعُ بما سبق.
(﴿شَرَعُوا﴾) في قولهِ تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ﴾ [الشورى: ٢١] أي: (ابْتَدَعُوا) وهذا قول أبي عُبيدة، وهذا ساقط لأبي ذرٍّ (٤).
(١)(باب قَوْلِهِ) تعالى: (﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣]) أي: أن تودُّوني لقرابتِي منكُم، أو تودُّوا أهل قرابتِي، وقيل: الاستثناءُ منقطعٌ؛ إذ ليست المودَّة من جنسِ الأجرِ، والمعنى: لا أسألكُم أجرًا قط، ولكن أسألكُم المودَّة. و ﴿فِي الْقُرْبَى﴾ حالٌ منها، أي: إلَّا المودَّة ثابتةٌ في ذوي القربى متمكِّنةٌ في أهلهَا، أو في حقِّ القرابةِ ومن أجلها. قاله في «الأنوار»، فإن قلتَ: لا نزاعَ أنَّه لا يجوزُ طلبُ الأجرِ على تبليغِ الوحي. أُجيب بأنَّه من باب قوله: