أم حسبتم أن تدخلوا الجنَّة قبل أن تُبتَلوا وتُختَبروا وتُمتَحنوا؛ كما فُعِل بالذين (١) من قبلكم من الأمم؛ ولذا قال:(﴿وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء﴾) وهي الأمراض والأسقام والآلام والمصائب والنَّوائب، وقال ابن عبَّاسٍ وابن مسعودٍ وغيرهما: ﴿الْبَأْسَاء﴾: الفقر، وقال ابن عبَّاسٍ: ﴿وَالضَّرَّاء﴾: السَّقَم، والواو في ﴿وَلَمَّا﴾ للحال، والجملة بعدها نصبٌ عليها، و «لمَّا»: حرف جزمٍ معناها النَّفي؛ كـ «لم»، وفيها توقُّعٌّ؛ ولذا جُعِل مقابل «قد»(إِلَى: ﴿قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤]) وفي رواية أبي ذرٍّ بعد قوله: ﴿مِن قَبْلِكُم﴾: «الآية» وحذف ما عدا ذلك، وعند ابن أبي حاتمٍ في «تفسيره»: أنَّها نزلت يوم الأحزاب حين أصاب النَّبيَّ ﷺ بلاءٌ وحصرٌ، وقيل: في يوم أحدٍ، وقيل: نزلت تسليةً للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين.
٤٥٢٤ - ٤٥٢٥ - وبه قال:(حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: «حدَّثني»(إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) بن يزيد (٢) الرَّازيُّ الفرَّاء الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) هو ابن حسَّان (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبد الملك أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ) عبد الله (يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄) في قوله تعالى: (﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾) ليس في الكلام شيءٌ حتَّى يكون غايةً له، فقدَّروه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً﴾ [يوسف: ١٠٩] فتراخى نصرهم حتَّى … ، وقيل غير ذلك ممَّا يأتي إن شاء الله تعالى في سورة يوسف ﵊[خ¦٤٦٩٥](﴿وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ [يوسف: ١١٠] خَفِيفَةً) ذالها المعجمة، وهي قراءة الكوفيِّين على معنى (٣) أنَّه أعاد الضَّمير من ﴿ظَنُّواْ﴾ و ﴿كُذِبُواْ﴾ على الرُّسل، أي: هم ظَنُّوا أنَّ أنفسهم
(١) في (د): «الذين». (٢) زيد في (د): «الأيلي» وليس بصحيحٍ. (٣) «معنى»: ليس في (د).