ثمَّ ذكر ابنُ يونس في «تاريخ مصر» في ترجمةِ سعيدِ ابنِ أبي مريم (١)، ممَّا حكاه في «الفتح»: أنَّ سببَ تحديث أنسٍ بذلك سؤالُ الزُّهريِّ له: هل فترَ الوحيُ عن النَّبيِّ ﷺ قبل أن يموتَ؟ قال: بل أكثرَ ما كان وأجمَّهُ.
وسقطتِ التَّصليةُ لأبي ذرٍّ، وثبت قوله:«الوحي» من قوله: «تابع على رسول الله ﷺ الوحي» للكُشمِيهنيِّ، وسقط لغيره (ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْدُ) بالضم مبنيًّا لقطعِ الإضافةِ عنه؛ أي: بعدَ ذلك.
وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ والنَّسائيُّ في «فضائل القرآن».
٤٩٨٣ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضلُ بن دُكين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ) العبديِّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا) بضم الجيم والدال المهملة (٢)، ابن عبد الله بنِ سفيان البَجَليَّ ﵁(يَقُولُ: اشْتَكَى) مرضَ (النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ يَقُمْ) للتَّهجد (لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ) وهي حمَّالة الحطبِ، العوراءُ أخت أبي سفيان بن حرب (فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أُرَى) بضم همزة «أُرى» ولأبي ذرٍّ بفتحها (شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿: ﴿وَالضُّحَى﴾) وهو صدرُ النَّهار حين ترتفع الشَّمس، وخصَّه بالقسم لأنَّه السَّاعة التي كلَّم الله تعالى فيها موسى، أو المراد النَّهار كله لمقابلتهِ باللَّيل بقوله:(﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾) أي: سكنَ، والمرادُ سكون النَّاس والأصوات فيه، وجوابُ القسمِ:(﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ١ - ٣]) أي: ما ترككَ منذ اختاركَ، وما أبغضَكَ منذ أحبَّك، والتَّوديعُ: مبالغةٌ في الوَدع؛ لأنَّ من (٣) ودَّعَك مُفَارقًا فقد بالغَ في ترككَ، وسقط قوله:«﴿وَاللَّيْلِ﴾ .. » إلى آخره لأبي ذرٍّ، وقال:«إلى قوله: ﴿وَمَا قَلَى﴾».
(١) في «الفتح» (٩/ ٨): في ترجمةِ محمَّدِ بنِ سعيدِ بنِ أبي مَرْيم. (٢) في «عمدة القاري» (٧/ ١٧١): «بضمِّ الجيم، وسكون النُّون، وفتح الدَّال وضمِّها». (٣) في (د): «لأنه متى».