ناعماتُ الأرواقِ (١)، طويلاتُ الأعناقِ، اذهبنَ فأنتنَّ الطَّلاق. وهذا كلُّه (٢) يدلُّ على الإباحة. نعم الأفضلُ عندنا أن لا يطلِّق أكثر من واحدةٍ ليخرجَ من الخلافِ. وقال الحنفيَّة (٣): يكون بدعيًّا إذا أوقعَه بكلمةٍ لحديثِ ابن عُمر -عند الدَّارقطنيِّ-: قلتُ يا رسول الله: أرأيتَ لو طلَّقتها ثلاثًا؟ قال:«إذًا قَد عصيتَ ربَّكَ، وبانَتْ منكَ امرأتُكَ» ولأنَّ الطَّلاق إنَّما جُعل متعددًا ليمكنه التَّدارك عند النَّدم، فلا يحلُّ له تفويتُه.
وفي حديث محمود بن لبيدٍ -عند النَّسائيِّ بسندٍ رجالُه ثقاتٌ- قال: أُخْبِر النَّبيُّ ﷺ عن رجلٍ طلَّق امرأته ثلاثَ تطليقاتٍ جميعًا، فقامَ مُغْضبًا فقال:«أَيُلْعَبُ بكتَابِ اللهِ، وأنَا بينَ أظهُرِكُم» لكنَّ محمود بن لبيدٍ ولد في زمنه ﷺ ولم يثبُت له منه سماعٌ، وهو مع ذلك محتملٌ لإنكارهِ عليه إيقاعها مجموعة وغير ذلك.
(وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبدُ الله، فيما وصله الشَّافعيُّ وعبد الرَّزَّاق (فِي) رجلٍ (مَرِيضٍ طَلَّقَ) امرأتَه: (لَا أَرَى) بفتح الهمزة (أَنْ تَرِثَ مَبْتُوْتَةٌ) بالمثنَّاتين الفوقيَّتين بينهما واو ساكنة، وقبل أُوْلاهما موحدة، منصوبة في «اليونينيَّة»، مَن قيل لها: أنت طالقٌ البتَّة، ويُطلق (٤) على من انبتتْ بالثَّلاث، ولغير أبي (٥) ذرٍّ: «مبتوتَتُه» أي: مبتوتةَ المريضِ.
(وَقَالَ الشَّعْبِيُّ) عامرُ بن شَراحيل: (تَرِثُهُ) ما كانت في العدَّة، وهذا وصلَه سعيدُ بن منصورٍ.
(وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ) بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة، عبدُ الله قاضِي الكوفة، التَّابعيُّ للشَّعبيِّ:(تَزَوَّجُ) استفهامٌ حذفتْ منه الأداةُ، أي: هل تزوَّج؟ (إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ؟ قَالَ) الشَّعبيُّ: (نَعَمْ) تزوَّج (قَالَ) ابن شُبرمة: (أَرَأَيْتَ) أي: أخبرني (إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ) ترثه أيضًا، فيلزم إرثها من الزَّوجين معًا واحدة (فَرَجَعَ) الشَّعبيُّ (عَنْ ذَلِكَ) القول
(١) في (م) و (د): «الأوراق». (٢) في (س): «وكل هذا». (٣) في (م): «أبو حنيفة». (٤) في (ب) و (د): «تطلق». (٥) في (ص): «لأبي».