مفعول «قال» أي: قال نحو هذا اللَّفظ، كأستنجي وأستنفض (١)، والتَّردُّد من بعض رواته (وَلَا تَأْتِنِي) بالجزم بحذف حرف العلَّة على النَّهي، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ:«ولا تأتيني» بإثباته على النَّفي، وفي روايةٍ في الفرع كأصله:«ولا تأتي»(٢)(بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثٍ) لأنَّهما مطعومان للجنِّ، كما عند المؤلِّف في «المبعث»[خ¦٣٨٦٠]: أنَّ أبا هريرة ﵁ قال للنَّبيِّ ﷺ لمَّا أن فرغ: ما بالُ العظم والرَّوث؟ قال:«هما من طعام الجنِّ»، وفي حديث أبي داود عن ابن مسعودٍ: أنَّ وفد الجنِّ قدموا على رسول الله ﷺ، فقالوا: يا محمَّد، انْهَ أمَّتك عن الاستنجاء بالعظم والرَّوث، فإنَّ الله تعالى جعل لنا فيه رزقًا، فنهاهم عن ذلك، وقال:«إنَّه زاد إخوانكم من الجنِّ»، وقِيلَ: النَّهيُ في العظم لأنَّه لزجٌ فلا يتماسك لقطع النَّجاسة، وحينئذٍ فيلحق به: كلُّ ما في معناه كالزُّجاج الأملس، أو لأنَّه لا يخلو غالبًا من بقيَّة دسمٍ تعلَّق به، فيكون مأكولًا للنَّاس، ولأنَّ الرَّوث نجسٌ فيزيد ولا يُزيل، ويلحق به: كلُّ نجسٍ ومتنجِّسٍ، فلو حُرِقَ (٣) العظم وخرج عن حال العظام، فوجهان: أصحُّهما ما (٤) في «المجموع»: المنع، ويلحق بالعظم: كلُّ مطعومٍ للآدميِّ لحرمته، فإنِ (٥) اختصَّ بالبهائم، قال الماورديُّ: لم يَحْرُم، ومنعه ابن الصَّبَّاغ، والغالب كالمُختَصِّ، أوِ استويا فوجهان، وقد نبَّه في الحديث باقتصاره في النَّهيِ على العظم والرَّوث على أنَّ ما سواهما يجزئ (٦)، ولو كان ذلك مُختَصًّا بالأحجار -كما يقوله (٧) بعض الحنابلة والظَّاهريَّة- لم يكن لتخصيص هذين بالنَّهيِ معنًى،
(١) في غير (د) و (ص): «أو أستنظف». (٢) في (د): «ولا تأتِ». (٣) في (ب) و (س): «ولو أحرق». (٤) «ما»: مثبتٌ من (م). (٥) في (د): «فلو». (٦) في (ب) و (س): «مجزئ». (٧) في (ب) و (س): «يقول»، وفي (د): «تقوله».