قوله: ﴿فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٨] أي: (ضَلَلَةً) يحسَبون أنَّهم على هدى وهم على الباطل، والمعنى: أنَّهم كانوا عند أهلهم مستبصرين (١)، وفي نسخة:«ضلالة» بألفٍ (٢) بين اللامين، وعند ابن أبي حاتم عن قتادة: كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها، وقال في «الأنوار» أي: متمكِّنين من النظر والاستبصار، ولكنَّهم لم يفعلوا.
(وَقَالَ غَيْرُهُ) غيرُ مجاهدٍ في قوله: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت: ٦٤](الحَيَوَانُ وَالحَيُّ وَاحِدٌ) في المعنى، وهو قولُ أبي عبيدةَ، والمعنى: لهي (٣) دار الحياة الحقيقيَّة (٤) الدَّائمة الباقية؛ لامتناع طريان الموت عليها، أو هي في ذاتها حياةٌ للمبالغة؛ «والحَي» بفتح الحاء في الفرع وغيره ممَّا وقفتُ عليه، وقال في «المصابيح»: بكسرها، مصدرُ «حَيَّ»(٥)، مثل: عَيَّ في مَنْطِقِهِ عِيًّا، قال: وعند ابن السَّكَن والأصيليِّ: «الحيوان والحياة واحد»، والمعنى لا يختلفُ، وقد سقط لغير أبي ذرٍّ والأصيلي «الحيوان والحي واحد»، وثبت لهما في الفرع (٦).
(﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ﴾ [العنكبوت: ٣]) أي: (عَلِمَ اللهُ ذَلِكَ) في الأزلِ القديمِ، فصيغةُ المضيِّ في ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ (٧) اللهُ﴾ (إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ: فَلِيَمِيزَ اللهُ) بفتح الياء التحتيَّة وكسر الميم (كَقَوْلِهِ)﷿: (﴿لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ﴾ [الأنفال: ٣٧]) زاد أبو ذرٍّ (٨): «﴿مِنَ الطَّيِّبِ﴾» لما بين العلم والتمييز من الملازمة، قاله الكِرمانيُّ.
(﴿وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣]) أي: (أَوْزَارًا مَعَ أَوْزَارِهِمْ) بسبب إضلالهم لهم (٩)،
(١) قوله: «أي: ضَلَلَةً يحسَبون أنَّهم على هدى وهم على الباطل، والمعنى: أنَّهم كانوا عند أهلهم مستبصرين»، سقط من (د). (٢) في (د): «بألف». (٣) في (ص): «هي»، وفي (م): «لهم». (٤) في (د): «الحقيقة». (٥) زيد في (م): «منك». (٦) زيد في غير (د) و (م): «كأصله». (٧) في (د): «بصيغة المضي من». (٨) في (م): «داود». (٩) «لهم»: ليس في (م).