باتتْ حواطبُ ليلى يَلْتمِسْنَ لها … جَزْلَ الجِذا غيرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ الخوَّار: الذي يتقصَّف، والدَّعِرُ: الذي فيه لهب، وقد ورد ما يقتضي وجودَ اللهَب فيه، قال الشاعر:
وألقى على قبسٍ من النارِ جَِذوةً … شديدًا عليها حِميُها والتهابُها
وقيل: الجَِذوة: العودُ الغليظ، سواء كان في رأسه نارٌ أو لم يكن، وليس المرادُ هنا إلَّا ما في رأسه نارٌ، كما في الآية: ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ [القصص: ٢٩](وَالشِّهَابُ) المذكور في النمل في قوله: ﴿بِشِهَابٍ قَبَسٍ﴾ [النمل: ٧] هو ما (فِيهِ لَهَبٌ) وذُكِر (١) تتميمًا للفائدة.
(وَالحَيَّاتُ) جمع: حيَّةٍ، يُشير إلى قوله: ﴿فَأَلْقَاهَا﴾ يعني: فألقى موسى عصاه ﴿فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (٢)﴾ [طه: ٢٠] وأنها (أَجْنَاسٌ: الجَانُّ) كما في قوله هنا: ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ [القصص: ٣١](وَالأَفَاعِي وَالأَسَاوِدُ) وكذا الثُّعبانُ في قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ [الأعراف: ١٠٧] ولم يذكره المؤلِّف، وقد قيل: إنَّ موسى ﵇ لمَّا ألقى العصا؛ انقلبتْ حيَّةً صفراءَ بِغِلَظِ العَصا، ثمَّ تورَّمتْ وعظُمَتْ؛ فلذلك سمَّاها جانًّا تارةً نظرًا إلى المبدأ (٣)، وثعبانًا مرَّة (٤) باعتبار المنتهى، وحيَّة أخرى بالاسم الشامل للحالين، وقيل: كانت في ضخامة الثعبان وجلادة الجانِّ؛ ولذلك قال: ﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ [القصص: ٣١].
(﴿رِدْءًا﴾) في قوله: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ [القصص: ٣٤] أي: (مُعِينًا) وهو في الأصل اسمُ ما يُعان به؛ كالدفء بمعنى المدفوء به، فهو «فِعْل» بمعنى «مفعول»، ونصبُه على الحال.
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿يُصَدِّقُنِي﴾ [القصص: ٣٤]) بالرفعِ، وبه قرأ حمزةُ وعاصمٌ، على الاستئناف أو الصفة لـ ﴿رِدْءًا﴾ أو الحال مِن هاءِ ﴿أَرْسِلْهُ﴾ أو مِنَ الضمير في ﴿رِدْءًا﴾ أي: مُصدِّقًا، وبالجزم، وبه قرأَ الباقون جوابًا للأمرِ؛ يعني: إن أرسلتَه صدَّقَنِي (٥)، وقيل: ﴿رِدْءًا﴾ كيما يصدقني أو (٦)
(١) في (ب) و (د) و (ص): «وذكره». (٢) ﴿تَسْعَى﴾: ليس في (ص) و (م). (٣) في (ص): «المبتدأ». (٤) في (ص): «تارة». (٥) في (ب) و (س): «يصدِّقْني». (٦) في (م): «و».