والمعنى: أنَّهم هلكوا بذلك العذاب حتى لم يَبْقَ حسٌّ ولا حركةٌ، وجَفُّوا كما يجفُّ الحصيدُ وخمدوا كما تخمدُ النَّارُ.
(﴿لَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ [الأنبياء: ١٩]) قال أبو عبيدةَ: (لَا يُعْيُونَ) في الفرع وأصله بضمِّ أوَّله مصحَّحًا عليه وثالِثِهِ وكِلاهما مصلَّحٌ على كشطٍ (١)؛ مِن أعيا، وفي نسخة عن أبي ذرٍّ:«يَعْيَون» بفتحهما، وردَّه ابنُ التين السَّفاقسيُّ (٢)، وصوَّب الضَّمَّ، وأجاب العَينيُّ: بأنَّ الصوابَ الفتحُ؛ لأنَّ معناه: لا يَعجِزون، وقيل: لا ينقطِعون (وَمِنْهُ: حَسِيرٌ، وَحَسَرْتُ بَعِيرِي) أي: أعييتُه.
(عَمِيقٌ)(٣) في سورة الحج [الآية: ٢٧] أي: (بَعِيدٌ) ويَحتملُ أن يكون ذَكَرَه هنا سهوًا من ناسخٍ أو غيِره.
((نُكِّسُوا)) بتشديد الكاف مبنيًّا للمفعول، وهي قراءةُ أبي حيوة وغيره، لغة (٤) في المخفَّفة في قوله: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ﴾ [الأنبياء: ٦٥] أي: (رُدُّوا) بضمِّ الراء، إلى الكفر بعدَ أن أَقرُّوا على أنفسِهم بالظُّلم، أو قُلِبُوا على رؤوسِهِم حقيقةً؛ بفرط إطراقِهِم خجلًا وانكسارًا وانخزالًا ممَّا بهتَهُم إبراهيمُ ﵇، فما أَحارُوا جوابًا إلَّا ما هو حُجَّة لإبراهيمَ حين جادلهم، فقالوا: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٦٥] فأقرُّوا بهذه الحُجَّة التي لحقتْهُم.
(﴿صَنْعَةَ لَبُوسٍ﴾ [الأنبياء: ٨٠]) هي (الدُّرُوعُ) لأنَّها تُلبَس، وهي (٥) بمعنى الملبوس، كالحَلوب والرَّكوب (٦).
(١) «وكلاهما مصلح على كشط»: سقط من (د) و (م). (٢) في (س) و (ص): «والسفاقسي»، وهو خطأ. (٣) في (ب) و (س): «قوله: عميق». (٤) في (د): «لغيَّة». (٥) في غير (د) و (م): «هو». (٦) في (د): «كالنحلوب والمركوب».