أحسنُ ما قيل فيها ما قاله في «الكشَّاف»: إنَّها مذهبه الَّذي يشاكل حاله في الهدى والضَّلالة؛ من قولهم: طريقٌ ذو شواكل؛ وهي الطُّرق الَّتي تشعَّبت منه، والدَّليل عليه قوله: ﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً﴾ [الإسراء: ٨٤] وقال الرَّاغب: ﴿عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ أي: سجيَّته الَّتي قيَّدتْه، من شكلت الدَّابة، وذلك أنَّ سلطان السَّجيَّة على الإنسان قاهرٌ.
(﴿صَرَّفْنَا﴾ [الإسراء: ٨٩]) ﴿لِلنَّاسِ﴾ قال أبو عبيدة أي: (وَجَّهْنَا) وبيَّنا، وفي مفعوله وجهان:
أحدهما أنَّه مذكورٌ، و «في»: مزيدة، أي: ولقد صرفنا هذا القرآن، الثَّاني أنَّه محذوفٌ، أي: ولقد صرَّفنا أمثاله ومواعظه وقصصه وأخباره وأوامره.
(﴿قَبِيلاً﴾) في قوله تعالى: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً﴾ [الإسراء: ٩٢] قال أبو عبيدة أي: (مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً) أو معناه: كفيلًا بما تدَّعيه (وَقِيلَ: القَابِلَةُ): المرأة التي تتولَّى ولادة المرأة (لأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا، وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا) أي: تتلقَّاها عند الولادة، قال الأعشى:
(﴿خَشْيَةَ الإِنفَاقِ﴾) في قوله: ﴿إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ﴾ [الإسراء: ١٠٠] يقال (١): (أَنْفَقَ الرَّجُلُ) أي: (أَمْلَقَ) والإملاق: الفاقة (وَنَفَِقَ الشَّيْءُ) بكسر الفاء مصحَّحًا عليها في الفرع كأصله (٢)، أي:(ذَهَبَ) وفي حاشيةٍ موثوقٍ بها في «اليونينيَّة»(٣): «نَفَقَ الشَّيءُ» بفتح الفاء هي اللُّغة الفصحى، ويقال: بكسرها وليست بالعالية، وفي «الصَِّحاح»: أنفق الرَّجل، أي: افتقر وذهب ماله، ومنه قوله تعالى: ﴿إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ﴾.
(﴿قَتُورًا﴾) في قوله تعالى: ﴿وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٠] قال أبو عبيدة أي: (مُقَتِّرًا) مِن الإقتار، أي: بخيلًا، يريد: أنَّ في طبعه ومنتهى نظره أنَّ الأشياء تتناهى وتفنى، فهو لو ملك خزائن رحمة الله لأمسكَ خشية الفقر.
(١) إلى هنا ينتهي السَّقط من (د). (٢) «كأصله»: ليس في (د). (٣) «في اليونينيَّة»: ليس في (د).