بأنَّه لم يسمع من العرب: ردَّ يده في فِيْهِ؛ إذا تَرَكَ الشَّيء الَّذي كان يفعله. انتهى. وهذا الَّذي قاله أبو عبيدة قاله أيضًا الأخفش، وأنكره القتيبيُّ، ولفظه كما في «اللُّباب»: لم يسمع أحدٌ يقول: ردَّ يده إلى فِيْه؛ إذا تَرَكَ ما أُمر به، وأُجيبَ بأنَّ المثبِتَ مقدَّمٌ على النافي، قال في «الدُّرِّ»: والضَّمائر الثَّلاثة يجوز أن تكون للكفَّار، أي: فردَّ الكفَّار أيديهم في أفواههم من الغيظ؛ كقوله تعالى: ﴿عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩] فـ «في»(١) على (٢) بابها من الظَّرفيَّة، أو فردُّوا أيديهم على أفواههم ضحكًا واستهزاء، فـ «في» بمعنى «على» أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولهم: إنَّا كفرنا، فـ «في» بمعنى «إلى» وأن يكون الأوَّلان للكفَّار والأخير للرُّسل، أي: فردَّ الكفَّار أيديهم في أفواه الرُّسل، أي: أطبقوا أفواههم يشيرون إليهم بالسُّكوت.
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ﴾ (﴿مَقَامِي﴾ [إبراهيم: ١٤]) قال ابن عبَّاسٍ: (حَيْثُ يُقِيمُهُ اللهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) يوم القيامة للحساب.
وقوله:(﴿مِّن وَرَآئِهِ﴾ [إبراهيم: ١٦]) أي: من (قُدَّامِهِ) ولأبي ذَرٍّ: «قدَّامَه جهنَّم» بنصب ميم قدَّامَه، وهذا قول الأكثر؛ وهو من الأضداد، وعليه قوله:
عسى الكربُ الَّذي أَمْسَيتَ فيه … يَكُونُ وراءه فَرجٌ قَرِيبُ