مِّثْلُهُ﴾ المَتَاعُ: مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ) كالأواني وآلات الحرث والحرب (﴿جُفَاء﴾ [الرعد: ١٧]) قال أبو عمرو بن العلاء: (أَجْفَأَتِ القِدْرُ) ولأبي ذَرٍّ: «يقال: أجفأتِ القِدْرُ»(١)(إِذَا غَلَتْ فَعَلَاهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ، فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلَا مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الحَقَّ مِنَ البَاطِلِ) وذلك أنَّ هذا الكلام ضربه للحقِّ وأهله، الشَّامل للقرآن وغيره، والباطل وحزبه فقوله: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء﴾ [الرعد: ١٧] مَثَلٌ للقرآن، والأودية مَثَل للقلوب، أي: أنزل القرآن فاحتملت منه القلوب على قدر اليقين، فالقلب الَّذي يأخذ منه ما يُنتفَع به فيحفظه ويتدبره تظهر عليه ثمرته، ولا يخفى أنَّ بين القلوب في ذلك تفاوتًا عظيمًا، وقوله: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ﴾ [الرعد: ١٧] فهو مَثَلُ الباطل في قلَّة نفعه وسرعة زواله.
(﴿الْمِهَادُ﴾) في قوله: ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [الرعد: ١٨] هو (الفِرَاشُ) وهذا ساقطٌ لأبي ذَرٍّ، ثابتٌ لغيره.
(﴿وَيَدْرَؤُونَ﴾) في قوله: ﴿وَيَدْرَؤُونَ﴾ [الرعد: ٢٢] أي: (يَدْفَعُونَ) السَّيِّئة بمقابلتها بالحسنة، وهذا وصف سيِّدنا رسول الله ﷺ في التَّوراة، فيندرج تحته الدَّفع بالحسن من الكلام، والوصل في مقابلة قطع الأرحام وغيرهما (٢) من أخلاق الكرام، وتغيير (٣) منكرات أفعال اللِّئام (دَرَأْتُهُ عنِّي) أي: (دَفَعْتُهُ) وسقط لغير أبي (٤) ذَرٍّ «عنِّي».
(﴿سَلَامٌ عَلَيْكُم﴾) يريد قوله تعالى: ﴿وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ. سَلَامٌ عَلَيْكُم﴾ [الرعد: ٢٣ - ٢٤](أَيْ: يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) فأضمر القول ههنا؛ لأنَّ في الكلام دليلًا عليه، والقول المضمر حالٌ من فاعل ﴿يَدْخُلُونَ﴾ أي: يدخلون قائلين: سلامٌ عليكم؛ بالبشارة (٥) بدوام السَّلامة.
(﴿وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ [الرعد: ٣٠]) أي: (تَوْبَتِي) ومرجعي، فيثيبني على المشاقِّ، أو إليه أتوب عن (٦) سالف خطيئتي، ولأبي ذَرٍّ:«والمتاب: إليه توبتي».
(١) «ولأبي ذرٍّ: أجفأت القدر»: سقط من (د). (٢) في (د) و (م): «غيرها». (٣) في (ص): «تغييرات»، ولا يصحُّ. (٤) في (د): «وسقط لأبي»، وليس بصحيحٍ. (٥) في غير (د) و (م): «بشارة». (٦) في (د): «مِن».