﴿يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ [هود: ٩٢](يَقُولُ: لَمْ تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ) أي: جعلتم أمر الله خلف ظهوركم (١)، تعظِّمون أمر رهطي وتتركون تعظيم الله تعالى، ولا تخافونه (وَيُقَالُ إِذَا لَمْ يَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ) أي: حاجة زيدٍ مثلًا (ظَهَرْتَ بِحَاجَتِي) ولأبي ذَرٍّ: «لحاجتي»«باللَّام» بدل: «الموحَّدة»، كأنَّه استخفَّ بها (وَجَعَلْتَنِي) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ (٢): «وجعلني» بإسقاط الفوقيَّة (ظِهْرِيًّا) أي: خلف ظهرك (وَالظِّهْرِيُّ هَهُنَا: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ) عند الحاجة إن احتجت، لكنَّ هذا لا يصحُّ أن يفسَّر به ما (٣) في القرآن، فحذْفُه (٤) ههنا -كما لأبي ذَرٍّ- أَوْجَهُ.
(﴿أَرَاذِلُنَا﴾) يريد قول قوم نوحٍ ﵇: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا﴾ [هود: ٢٧] أي: (سُقَاطُنَا (٥)) بضمِّ السِّين وتخفيف (٦) القاف وهو الَّذي في «اليونينيَّة»(٧) وفي بعضها: «سقَّاطنا» بتشديدها (٨)، وفي نسخةٍ:«أسقاطنا»(٩) أي: أَخِسَّاؤنا، وهذا كُلُّه من قوله:«﴿وَإِلَى مَدْيَنَ﴾ … » إلى هنا ثابتٌ للكشميهنيِّ فقط، وسقط لأبي ذَرٍّ قوله:«﴿أَخَاهُمْ شُعَيْبًا﴾». (﴿إِجْرَامِي﴾) يريد قوله: ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ [هود: ٣٥](هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ: أَجْرَمْتُ) بالهمزة (وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ): من: (جَرَمْتُ) ثلاثيٌّ مجرَّدٌ، والمعنى: إن صحَّ أنِّي (١٠) افتريته، فعليَّ وبالُ إجرامي، وحيث لم يصحَّ؛ فأنا بريءٌ من نسبة الافتراء إليَّ، و ﴿أَمْ﴾ في قوله: ﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ [هود: ٣٥] منقطعةٌ تفيد الإضراب عن النُّصح، فيكون نسبة الافتراء إلى نوحٍ، وذهب بعضهم إلى أنَّه
(١) زيد في (د): «لِمَ». (٢) «عن الكشميهنيِّ»: ليس في (د). (٣) «ما»: ليس في (ص). (٤) في غير (د): «فحذف». (٥) في (م): «أسقاطنا»، ولا يصحٌّ. (٦) في (د): «وتشديد». (٧) «وهو الذي في اليونينيَّة»: سقط من (د) و (م). (٨) في (د) و (م): «بتخفيفها». (٩) «وفي نسخةٍ أسقاطنا»: سقط من (د) و (م). (١٠) في (د): «أن»، ولا يصحُّ.