لعذرها في ذكر ما يستحي النِّساء من ذكره عادةً بحضرة الرِّجال؛ لأنَّ نزول المنيِّ منهنَّ يدلُّ على قوَّة شهوتهنَّ للرِّجال (فَهَلْ) يجب (عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ) بضمِّ الغَيْن، وفي روايةٍ:«من غَسْلٍ» بفتحها، وهما مصدران عند أكثر أهل اللُّغة، وقال الآخرون (١): بالضَّمِّ الاسم، وبالفتح المصدر، وحرف الجرِّ زائدٌ (إِذَا) هي (احْتَلَمَتْ؟) أي: رأت في منامها أنَّها تجامع (قَالَ) وفي رواية أبي ذَرٍّ وابن عساكر: «فقال»(النَّبِيُّ) وفي رواية أبي ذَرٍّ: «رسول الله»(ﷺ) عليها الغُسل (٢)(إِذَا) أي: حين (رَأَتِ المَاءَ) أي: المنيَّ إذا استيقظت، فـ «إذا» ظرفيَّةٌ، ويجوز أن تكون شرطيَّةً، أي: إذا رأت وجب عليها الغسل، وجعل رؤية المنيِّ منها شرطًا للغُسل، يدلُّ على أنَّها إذا لم ترَ الماء لا غُسْلَ عليها، قالت زينب:(فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ)﵂، أو قالته أمُّ سلمة على سبيل الالتفات من باب التَّجريد، كأنَّها جرَّدت من نفسها شخصًا، فأسندت إليه التَّغطية، إذِ الأصل: فَغَطَّيْتُ، قال عروة أو غيره:(تَعْنِي وَجْهَهَا) بالمُثنَّاة الفوقيَّة، ولابن عساكر: بالتَّحتيَّة (٣)، وعند مسلمٍ من حديث أنسٍ: أنَّ ذلك وقع لعائشة أيضًا، فيحتمل حضورهما معًا في هذه القصَّة (وَقَالَتْ) أمُّ سلمة: (يَا رَسُولَ اللهِ، وَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟) بحذف همزة الاستفهام، وللكُشْمِيْهَنِيِّ:«أَوَ تحتلم» بإثباتها، وهو معطوفٌ على مُقدَّرٍ يقتضيه السِّياق، أي: أترى المرأةُ الماءَ وتحتلم؟ (قَالَ)ﷺ: (نَعَمْ) تحتلم وترى الماء (تَرِبَتْ يَمِينُكِ) بكسر الرَّاء والكاف، أي: افتقرت وصارت على التُّراب، وهي كلمةٌ جاريةٌ على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدُّعاء على المُخاطَب (فَبِمَ) بحذف الألف (يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟) وفي حديث أنسٍ في «الصَّحيح»: «فمن أين يكون الشَّبه؟ ماء الرَّجل غليظٌ أبيضُ، وماء المرأة رقيقٌ أصفرُ، فأيُّهما (٤) علا أو سبق يكون منه الشَّبه»، وفي هذا الحديث: ترك الاستحياء لمن عرضت له (٥) مسألةٌ.
(١) في (ب) و (س): «آخرون». (٢) في غير (د): «غسلٌ». (٣) قوله: «ولابن عساكر: بالتَّحتيَّة» سقط من (ب) و (د) و (ص). (٤) في غير (ب) و (س): «فمن أيِّهما». (٥) في (ص): «به».