قال: وتظهر الفائدة فيه على قول من يقول بالفرق بين حدّثنا وأخبرنا، كذا قال، فليُتَأمَّل (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ﵁(فِي تِلْكَ الحَجَّةِ) زاد في «الحجِّ» من طريق يحيى ابن بكيرٍ [خ¦١٦٢٢]: «التي أمَّره عليها رسول الله ﷺ قبل حجَّة الوداع»(فِي مُؤَذِّنِينَ) جمع مؤذِّنٍ، من الإيذان؛ وهو الإعلام (بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ) سنة تسعٍ من الهجرة (يُؤَذِّنُونَ) أي: يعلمون النَّاس (بِمِنًى: أَلَّا يَحُجَّ) بفتح الهمزة وتشديد اللَّام، ونصب «يحجَّ» بـ «أن»، و «لا»: نافيةٌ (بَعْدَ العَامِ) المذكور (مُشْرِكٌ) هو منتزعٌ من قوله تعالى: ﴿فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨] والمراد: الحرم كلُّه (وَلَا يَطُوفَ بِالبَيْتِ عُرْيَانٌ) بنصب «يطوفَ» عطفًا على «يحجَّ» واحتجَّ به الأئمَّة الثَّلاثة على وجوب ستر العورة في الطَّواف، خلافًا لأبي حنيفة، حيث جوّز طواف العُرْيان، ولأبي ذرٍّ:«لا يحجُّ» بالرَّفع، و «لا»: نافيةٌ مخفَّفةٌ، و «يطوفُ»: رفع عطفًا (١) على «يحجُّ».
(قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بالسَّند السَّابق: (ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ) أبا بكر (بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) وعند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالكٍ -وقال الترمذيُّ: حسنٌ غريبٌ-: أنَّه ﷺ بعث ببراءة مع أبي بكرٍ، فلمَّا بلغ ذا الحُليفة قال: «لا يبلِّغها إلَّا أنا أو (٢) رجلٌ من أهل بيتي، فبعث بها مع عليٍّ ﵁» (وَأَمَرَهُ) ولأبي ذرٍّ (٣): «فأمره»(أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ) أي: ببعضها، وقد نبَّه في «الفتح» على أنَّ هذا القدر (٤) من الحديث مرسلٌ؛ لأنَّ حميدًا لم يدرك ذلك، ولا صرَّح بسماعه له من أبي هريرة.
(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ)﵁ بالإسناد المذكور، قال في «الفتح»: وكأنَّ حميدًا حمل قصَّة توجُّه عليٍّ من المدينة إلى أن لحق أبا بكرٍ عن غير أبي هريرة، وحمل بقيَّة القصَّة كلِّها عن أبي هريرة (فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ)﵁(يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «قال أبو بكرٍ» بدل «قال (٥) أبو هريرة» قال الحافظ ابن حجرٍ: وهو غلطٌ فاحشٌ مخالفٌ لرواية الجميع، وإنَّما هو كلام أبي هريرة
(١) في (د): «عطفٌ». (٢) في (م): «و». (٣) «وأمره ولأبي ذرٍّ»: ليس في (د). (٤) في (ب) و (س): «المقدار». (٥) «قال»: ليس في (د).