ما دهاني؟ (﴿إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾) أي: فقدته، أو نسيت ذكره بما رأيت، زاد في رواية ابن عساكر:«﴿وَمَا أَنسَانِيهُ﴾» أي: وما أنساني ذكره «﴿إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ [الكهف: ٦٣]» وإنَّما نسبه للشَّيطان هضمًا لنفسه (١)(﴿قَالَ﴾ مُوسَى: ﴿ذَلِكَ﴾) أي: أمرُ الحوتِ (﴿مَا كُنَّا نَبْغِ﴾) هو الذي كنَّا نطلبه (٢) لأنَّه علامة وجدان المطلوب، وحُذِفَ العائد (﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا﴾) أي: فرجعا في الطَّريق الذي جاءا فيه يقصَّان (﴿قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤]) أي: يتَّبعان آثارهما اتِّباعًا (فَلَمَّا انْتَهَيَا (٣) إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ) مُبتدَأٌ، وسُوِّغَ لتخصيصه بالصِّفة، وهي قوله:(مُسَجًّى) أي: مُغطًّى كلُّه (بِثَوْبٍ) والخبر محذوفٌ، أي: نائمٌ (أَوْ قَالَ: تَسَجَّى (٤) بِثَوْبِهِ) شكٌّ من الرَّاوي (فَسَلَّمَ مُوسَى)﵇(٥)(فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى) بهمزةٍ ونونٍ مُشدَّدةٍ مفتوحتين، أي: كيف (بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟) وهو غير معروفٍ بها، وكأنَّها كانت دار كفرٍ، وكانت (٦) تحيَّتهم غيره، وعنده في «التَّفسير»[خ¦٤٧٢٥]: «وهل بأرضي من سلامٍ؟»(فَقَالَ) وفي رواية الأَصيليِّ: «قال»: (أَنَا مُوسَى، فَقَالَ) له الخضر:
(١) أي: نسب النسيان إلى الشيطان مع أنَّ فاعله الحقيقي هو الله تعالى وفاعله المجازي هو الاستغراق بمذكورٍ؛ هضمًا لنفسه بجعل ذلك الاستغراق نفسه وشغله. انظر «روح المعاني» (١٥/ ٣١٨). (٢) في (ب) و (س): «نطلب». (٣) في (ب) و (س): «أتيا». (٤) في (ص): «مسجًّى». (٥) «﵇»: سقط من (د). (٦) في (ص): «أو كان».