مفتوحةٍ بدل الفاء، من الصِّياح (يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ «لا إله إلا الله»(فَوَثَبَ القَوْمُ) بالثَّاء المُثلَّثة، أي: قاموا، قال عمر: فلمَّا رأيت ذلك (قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ «يصيح»(يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا) بفتح النُّون وكسر الشِّين المُعجَمة وسكون المُوحَّدة، أي: ما مكثنا وتعلَّقنا بشيءٍ (أَنْ قِيلَ: هَذَا نَبِيٌّ) قد ظهر، وعند أبي نُعيمٍ في «دلائله»: أنَّ أبا جهلٍ جعل لمن يقتل محمَّدًا ﷺ مئة ناقةٍ، قال عمر ﵁: فقلت له: يا أبا الحكم؛ الضَّمان صحيحٌ؟ قال: نعم، قال: فتقلَّدت سيفي أريده، فمررت على عجلٍ وهم يريدون أن يذبحوه، فقمت أنظر إليهم فإذا صائحٌ من جوف العجل: يا آل ذريح، أمرٌ نجيح، رجلٌ يصيح بلسانٍ فصيح، قال عمر ﵁: فقلت في نفسي: إنَّ هذا الأمر ما يُراد به إلَّا أنا، قال: فدخلت على أختي فإذا عندها سعيد بن زيدٍ، فذكر القصَّة في سبب إسلامه بطولها.
وفي حديث أسامة بن زيدٍ عن أبيه عن جدِّه أسلم قال: قال لنا عمر بن الخطَّاب ﵁: أتحبُّون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم، قال: كنت من أشدِّ النَّاس على رسول الله ﷺ، فبينا أنا في يومٍ حارٍّ بالهاجرة لقيني رجلٌ من قريشٍ اسمه نعيم بن عبد الله النَّحَّام، وكان مخفيًا إسلامه ﵁(١)، فقال: أين تذهب يا ابن الخطَّاب، إنَّك تزعم أنَّك هكذا، وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك، أختكَ قد صَبَت فرجعت مُغضَبًا فدخلت عليها، فقلت: يا عدَّوة نفسِها بلغني أنَّك قد صبأتِ، وأرفع شيئًا في يدي فأضربها به، فسال الدَّم فبكت، ثمَّ قالت: يا بن الخطَّاب ما كنت فاعلًا فافعل، فقد أسلمتُ، فنظرت فإذا بكتابٍ في ناحية البيت، فقلت لها: أعطينه، فقالت: لا أعطيكه، لست من أهله، إنَّك لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهَّر، وهذا لا يمسُّه إلَّا المُطَهَّرون، فلم أَزَلْ بها حتَّى أعطتنيه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم فلمَّا مررت بـ «الرَّحمن الرَّحيم» ذُعِرت ورميتُ بالكتاب من يديَّ، ثمَّ رجعتُ إلى نفسي، فأخذته (٢)
(١) قوله: «اسمه نعيم بن عبد الله النَّحَّام، وكان مخفيًا إسلامه ﵁» سقط من (م). (٢) «فأخذته»: ليس في (ص) و (م).