روايةٍ:«جلَّ وعزَّ»(١): (﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ﴾) أي: يخافه (﴿مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [فاطر: ٢٨]) الذين علموا قدرته وسلطانه، فمن كان أَعْلَمَ كان أخشى لله؛ ولذا قال ﵊:«أنا أخشاكم لله وأتقاكم له»(وَقَالَ) تعالى: (﴿وَمَا يَعْقِلُهَا﴾) أي: الأمثالُ المضروبةُ وَحسنها وفائدتها (﴿إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣]) الذين يعقلون عن الله، فيتدبَّرون الأشياء على ما ينبغي، وقال تعالى حكايةً عن قول الكفَّار حين دخولهمُ النَّار:(﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ﴾) أي: كلامَ الرُّسلِ فَنَقْبَلُه جملةً من غير بحثٍ وتفتيشٍ؛ اعتمادًا على ما لاح من صدقهم بالمعجزات (﴿أَوْ نَعْقِلُ﴾) فنفكِّر في حكمه ومعانيه تفكُّر المستبصرين (﴿مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠]) أي: في عدادهم وفي جملتهم (وَقَالَ) تعالى: (﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]) قال القاضي ناصر الدِّين رحمه الله تعالى: نفيٌ لاستواء الفريقين؛ باعتبار القوَّة العِلْميَّة بعد نفيها؛ باعتبار القوَّة العَمَليَّة على وجهٍ أبلغَ لمزيد فضل العلم (٢)، وقِيلَ: تقرير للأوَّل (٣) على سبيل التَّشبيه، أي: كما لا يستوي العالِمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصُون.
(وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ) فيما وصله المؤلِّف بعد بابين [خ¦٧١]: (مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ) في الدِّين، وللمُستملي:«يُفهِّمه» بالهاء المُشدَّدة المكسورة بعدَها ميمٌ، وأخرجه بهذا اللَّفظ ابن أبي عاصمٍ في «كتاب العلم» بإسنادٍ حسنٍ، والتَّفقُّه: هو التَّفهُّم (وَإِنَّمَا العِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ) بضمِّ اللَّام المُشدَّدة على الصَّواب، وليس هو من كلام المؤلِّف، فقد رواه ابن أبي عاصمٍ، والطَّبرانيُّ من
(١) وقوله: «وفي روايةٍ: جلَّ وعزَّ» سقط من (ص). (٢) في (م): «المعلِّم». (٣) وفي غير (ج): «تقرير الأول».