هذا؟ فقلتَ له: بل كتبتَه أنتَ، قاصدًا بذلك تقريره لك (١) مع الاستهزاء، لا نفيه عنك وإثباته له، ذكرهما الزَّمخشريُّ، وتعقَّب الأوَّل منهما صاحب «الفرائد»(٢): بأنَّه إنَّما يستقيم إذا كان الفعل دائرًا بين إبراهيم وبين الصَّنم الكبير؛ لاحتمال أن يكون كسرها غير إبراهيم، والثَّاني منهما: بأنَّه (٣) ضعيفٌ لأنَّ غيظه من عبادة غير الله يستوي (٤) فيه الكبير والصَّغير. والجواب: أنَّه دلَّ تقديم الفاعل المعنويِّ في قوله: ﴿أَأَنتَ فَعَلْتَ﴾ على أنَّ الكلام ليس في الفعل لأنَّه معلومٌ، بل في الفاعل كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾ [هود: ٩١] ودلَّ قولهم: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ وقولهم: ﴿قَالُوا (٥) فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ﴾ [الأنبياء: ٦١] على أنَّهم لم يشكُّوا أنَّ الفاعل هو، فإذًا لا يكون قصدهم في قوله (٦): ﴿أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا﴾ إلَّا بأن يقرَّ بأنَّه هو، فلمَّا ردَّ بقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ تعريضًا دار الأمر بين الفاعلين، أو المعنى على التَّقديم والتَّأخير، أي: بل فعله كبيرهم، إن كانوا ينطقون فاسألوهم، فجعل النُّطق شرطًا للفعل، إن قدروا على النُّطق قدروا على الفعل، فأراهم عجزهم، وفي ضمنه: أنا فعلت ذلك.
(وقَالَ: بَيْنَا) بغير ميمٍ (هُوَ) أي: إبراهيم (ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ) بنت هاران ملك حرَّان زوجته
(١) في (د) و (م): «كذلك». (٢) في (م): «الفوائد». (٣) في (د) و (م): «أنَّه». (٤) في (د) و (ص): «فاستوى». (٥) في (م): «وقوله»: ﴿فَأْتُوا﴾. (٦) في (ب) و (س): «قولهم».