الكوفيُّ قاضي بغداد أوثق أصحاب الأعمش، قال:(حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان بن مهران قال: (حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ) المحاربيُّ (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ) بضمِّ الميم المازنيِّ (أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵄) أنَّه (قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالبَابِ. فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ)﵊ لهم: (اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ) أي: اقبلوا منِّي ما يقتضي أن تُبشَّروا بالجنَّة من التَّفقُّه في الدِّين (قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا) للتفقُّه (فَأَعْطِنَا -مَرَّتَيْنِ-) أي: من المال (ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ) وهم الأشعريُّون، وسقط قوله «أهل» لأبي ذرٍّ (فَقَالَ)﵊ لهم (١): (اقْبَلُوا البُشْرَى (٢) يَا أَهْلَ اليَمَنِ إِذْ لَمْ) ولأبي ذرٍّ: «إن لم»(يَقْبَلْهَا (٣) بَنُو تَمِيمٍ، قَالُوا): قد (٤)(قَبِلْنَا) ها (يَا رَسُولَ اللهِ، قَالُوا: جِئْنَاكَ) بكاف الخطاب مرقومًا (٥) عليها علامة الكُشْميهَنيِّ، وفي «الفتح»: حذفها له، وإثباتها لغيره (نَسْأَلُكَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «لنسألك»(عَنْ هَذَا الأَمْرِ) كأنَّهم سألوه عن أحوال هذا العالَم (قَالَ)﵊ مجيبًا لهم: (كَانَ اللهُ) في الأزل منفردًا متوحِّدًا (وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ) وهذا مذهب الأخفش، فإنَّه جوَّز (٦) دخول الواو في خبر «كان» وأخواتها، نحو: كان زيدٌ وأبوه قائمٌ، على جعل الجملة خبرًا مع الواو، أو (٧)«ولم يكن شيء غيره» حالٌ، أي: كان الله حال كونه لم يكن شيءٌ غيره، وأمَّا ما وقع في بعض الكتب في هذا الحديث:«كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان» فقال ابن تيميَّة: هذه زيادةٌ ليست في شيءٍ من كتب الحديث (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ) استُشكِل: بأنَّ الجملة الأولى تدلُّ على عدم من سواه، والثَّانية: على وجود العرش والماء، فالثَّانية مناقضةٌ للأولى، وأُجيب بأنَّ الواو في «وكان»(٨) بمعنى: ثمَّ، فليس الثَّانية من تمام الأولى، بل مستقلَّةٌ بنفسها، و «كان» فيهما بحسب مدخولها، ففي الأولى بمعنى: الكون
(١) «لهم»: ليس في (د). (٢) في (ب): «البشر» وهو تحريفٌ. (٣) في (د): «يقبلوها» وهو تحريفٌ. (٤) «قد»: ليس في (د). (٥) في (ص) و (م): «مرقومٌ». (٦) في (د): «يجوِّز». (٧) «أو»: سقط من (ص) و (م). (٨) زيد في (د): «عرشه».