وأنكره القاضي لتأييده مذهب الإماميَّة، لكن قدَّره ابن مالكٍ (١): ما تركناه متروكٌ صدقةً، فحُذِف الخبر وبقي الحال كالعوض منه، ونظيره قراءة بعضهم:(وَنَحْنُ عُصْبَةً)[يوسف: ٨]. (فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سِتَّةَ أَشْهُرٍ) وفي رواية مَعْمَرٍ [خ¦٦٧٢٦]: «فهَجَرَتْهُ فاطمةُ، فلم تكلِّمه حتَّى ماتت»، ووقع عند عمر بن شبَّة من وجهٍ آخر عن مَعْمَرٍ:«فلم تكلِّمه في ذلك المال» ولذا نقل التِّرمذيُّ عن بعض مشايخه: أنَّ معنى قول فاطمة لأبي بكرٍ وعمر: «لا أكلِّمكما» أي: في هذا الميراث، وتُعقِّب بأنَّ قرينة قوله:«غضبت» يدلُّ على أنَّها امتنعت من الكلام جملةً، وكذا صريح الهجر قاله في «الفتح» وقال الكِرمانيُّ: وأمَّا غضب فاطمة فهو أمرٌ حصل على مقتضى البشريَّة وسكن بعد ذلك، أو الحديث كان متأوَّلًا عندها بما فضل عن (٢) معاش الورثة وضروراتهم ونحوها، وأمَّا هجرانها فمعناه: انقباضها عن لقائه، لا الهجران المُحرَّم من ترك السَّلام ونحوه، ولفظ «مُهاجِرته» بصيغة اسم الفاعل لا المصدر. انتهى. ولعلَّ فاطمة ﵂ لمَّا خرجت غضبى من عند أبي بكرٍ تمادت في اشتغالها بشأنها ثمَّ بمرضها، والهجران المُحرَّم إنَّما هو أن يلتقيا فيُعرِض هذا وهذا (قَالَتْ) عائشة ﵂: (وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ) سهمه في (خَيْبَرَ) -بعدم الصَّرف- وهو الخُمُس (وَفَدَكٍ) بفتح الفاء والدَّال المُهمَلة بالصَّرف، ولأبي ذرٍّ:«وفَدَكَ» بعدمه، بلدٌ بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وكانت له ﷺ خاصَّةً (وَصَدَقَتَِهُِ بِالمَدِينَةِ) بنصب «صدقته»(٣) عطفًا على المنصوب السَّابق، وبالجرِّ عطفًا على المجرور، أي: نخل بني النَّضير الَّتي في أيدي بني فاطمة،
(١) «ابن مالك»: ليس في (ص). (٢) في غير (د) و (م): «من». (٣) في (ب): «صدقة» وهو تحريفٌ.