فَنَظَرَ إِلَيْهِ) ﷺ(ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ) أي: العرب (فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ (١) لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ) بالجمع، ولأبي ذَرٍّ عن المُستملي والكُشْمِيهَنِيِّ (٢): «ورسوله» بالإفراد كذا في الفرع وأصله، ونسبَ ابن حجرٍ الإفراد للمُستملي. وقال الكِرمانيُّ: فإن قلت: كيف طابق قوله: «آمنت بالله ورسله» جواب الاستفهام؟ وأجاب: بأنَّه لمَّا أراد أن يُظهِرَ للقوم حاله أرخى العنان، حتَّى يبيِّنه عند المغترِّ به فلهذا قال آخرًا:«اخسأْ». انتهى. وقيل: يحتمل أنَّه أراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعوى النُّبوَّة، ولمَّا كان ذلك هو المراد أجابه بجواب منصفٍ فقال:«آمنت بالله ورسله»(٣). ثمَّ (٤)(قَالَ النَّبِيُّ ﷺ) له: (مَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ) وعند التِّرمذيِّ من حديث أبي سعيدٍ: قال: أرى عرشًا فوق الماء. قال النَّبيُّ ﷺ:«ترى عرش إبليس فوق البحر». قال:«ما ترى؟» قال: أرى صادقًا وكاذبين، أو صادقين وكاذبًا (قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: خُلِطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ) بضمِّ الخاء المعجمة وكسر اللَّام مخفَّفةً في الفرع وأصله مصحَّحًا عليها، ومشدَّدةً في غيرهما، أي: خُلِطَ عليك الحقُّ والباطل على عادة الكهَّان (قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا) بفتح الخاء المعجمة وكسر الموحَّدة وسكون التَّحتيَّة وبالهمز فيه وفي السَّابق، أي: أضمرت لك في نفسي شيئًا. وفي التِّرمذيِّ: أنَّه خبأ له: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ﴾ [الدخان: ١٠](قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ) بضمِّ الدَّال المهملة، وبعدها خاءٌ معجمةٌ، فأدرك البعض على عادة الكهَّان في اختطاف بعض الشَّيء من الشَّياطين من غير وقوفٍ على تمام البيان. فإن قلت: كيف اطَّلع ابن صيَّادٍ أو شيطانه على ما في الضَّمير؟
(١) في (د) و (م): «فقال». (٢) في اليونينية عزى ذلك لرواية «الحمويي» بدل: «الكشميهني». (٣) في (م): «ورسوله». (٤) «ثمَّ»: مثبتٌ من (ب) و (س).