الثُّلثُ أو على تقدير الابتداء والخبرُ محذوفٌ، أي: الثُّلث كافٍ أو العكس -وبالجرِّ- ولأبي ذَرٍّ:«قال: الثُّلث» بغير فاء (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) بالمثلَّثة بالنِّسبة إلى ما دونه، قال في «الفتح»: ويحتمل أن يكون لبيان أنَّ التَّصدُّق بالثُّلث هو الأكمل، أي: كثيرٌ أجره (١)، ويحتمل أن يكون معناه: كثيرٌ غير قليلٍ. قال الشَّافعيُّ: وهذا أَولى معانيه، يعني: أنَّ الكثرة أمرٌ نسبيٌّ (إِنَّكَ) بالكسر على الاستئناف، وتُفتَح بتقدير حرف الجرِّ، أي: لأنَّك (أنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ) أي: بنته وأولاد أخيه عتبة بن أبي وقَّاص، منهم: هاشم بن عتبة الصَّحابيُّ، ولأبي ذَرٍّ:«أَنْ تدعَ أنت ورثتك»(أَغْنِيَاءَ) وهمزة «أَنْ تدعَ» مفتوحةٌ على التَّعليل (٢)، فمحلُّ «أن تدع» مرفوعٌ على الابتداء، أي: تَرْكُكَ أولادَكَ أغنياءَ، والجملة بأسرها خبرُ «أَنْ» وبكسرها على الشَّرطيَّة، وجزاء الشَّرط قوله:(خَيْرٌ) على تقدير: فهو خيرٌ، وحذفُ الفاء من الجزاء سائغٌ شائعٌ غير مختصٍّ (٣) بالضَّرورة، ومن ذلك قوله ﵊ في حديث اللُّقطة:«فإن جاء صاحبها، وإلَّا استمتع بها»[خ¦٢٤٢٦] بحذف الفاء في أشباهٍ لذلك (٤) ومَن خصَّ هذا الحذف بضرورة الشِّعر فقد حاد عن التَّحقيق، وضيَّق حيث لا تضييق، كما قاله ابن مالك، ورُدَّ: بأنَّه يبقى الشَّرط بلا جزاء. وأُجِيب بأنَّه إذا صحَّت الرِّواية فلا التفات إلى مَن لم يجوِّز حذف الفاء من الجملة الاسمية، بل هو دليلٌ عليه. قال ابن مالكٍ: الأصل إن تركت ورثتك أغنياء فهو خير، فحذفَ الفاء والمبتدأ، ونظيره قوله:«فإن جاء صاحبها وإلَّا استمتع بها»(٥)، وذلك ممَّا زعم النَّحويون أنَّه مخصوصٌ
(١) «أي: كثيرٌ أجره»: سقط من (د). (٢) قال السندي في «حاشيته»: قوله: (إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ) هي «أن» المصدرية النَّاصبة، أو «إن» الشرطية الجازمة، وعلى الثاني فلا بدَّ من تقدير المبتدأ في قوله: «خير» مع الفاء، أي: فهو خيرٌ، وعلى الأوَّل لا حاجة إليه بل تكون «أن تدع» مبتدأ خبره «خير»، وقول المحقق ابن حجر: «أن تدع» بفتح «أن» على التعليل، وتبعه القسطلاني يقتضي أن التقدير: لأن تدع وعلى هذا يكون خبر «أنَّ» في «إنك» ولا يخفى أنَّه لا يصحُّ أن يقال: إنَّك لأجل تركهم أغنياء خير من أن تتركهم فقراء، فتأمَّل. (٣) في (د): «مخصَّص». (٤) في (ب) و (س): «ذلك وأشباهه». (٥) قوله: «ورد بأنه … استمتع بها» سقط من (ص).