«أهي التي وَلِيَت ذلك» قالت: نعم (فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى) زاد مسلمٌ: قال: «فأحبِّي هذه» أي: عائشة (فَرَجَعَتْ) فاطمة (إِلَيْهِنَّ فَأَخْبَرَتْهُنَّ) بالَّذي قاله (فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ) فاطمةُ (أَنْ تَرْجِعَ) إليه (فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ)﵊(فَأَغْلَظَتْ) في كلامها (وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ (١) اللهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ) بضمِّ القاف، وبعد الحاء المهملة ألفٌ ففاءٌ فهاء تأنيثٍ، هو والد أبي بكر الصِّدِّيق، واسمه عثمان ﵄(فَرَفَعَتْ) زينب (صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ) أي: منها (وَهْيَ قَاعِدَةٌ) جملةٌ اسميَّةٌ (فَسَبَّتْهَا) أي: سبَّتْ زينبُ عائشةَ ﵂(حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ؟) بحذف إحدى التَّاءَين (قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ: إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ) أي: إنَّها شريفةٌ عاقلة عارفة كأبيها، وكأنَّه ﷺ أشار إلى أنَّ أبا بكر كان عالمًا بمناقب مُضَر ومثالبِها، فلا يستغربُ من بنته تلقِّي ذلك عنه:
ومَنْ يُشَابِهْ أَبَهُ فَما ظَلَمْ
والولد سرُّ أبيه، قال المهلَّب في الحديث: إنَّه لا حرج على الرَّجل في إيثار بعض نسائه بالتُّحف والطُّرف (٢) في المآكل، واعترضه ابن المُنَيِّر: بأنَّه لا دلالة في الحديث على ذلك، وإنَّما النَّاس كانوا يفعلون ذلك، والزَّوج وإن كان مخاطبًا بالعدل بين نسائه فالمهدون الأجانب ليس أحدهم مخاطبًا بذلك، فلهذا لم يتقدَّم ﵊ إلى النَّاس بشيء من (٣) ذلك، وأيضًا فليس من مكارم الأخلاق أن يتعرَّض الرَّجل إلى النَّاس بمثل ذلك لِما فيه من التَّعرُّض لطلب الهديَّة، ولا يقال: إنَّه ﵊ هو الَّذي يقبل الهديَّة فيملكها، فيلزم التَّخصيص من قِبَله، لأنَّا نقول: المُهْدي لأجل عائشة كأنَّه ملَّك الهديَّة بشرط تخصيص عائشة، والتَّمليك يُتَّبع فيه تحجير المالك، مع أنَّ الَّذي يظهر أنَّه ﵊ كان يشركهنَّ في ذلك، وإنَّما وقعت المنافسة لكون العطيَّة تصل إليهنَّ من بيت عائشة، ولا يلزم في ذلك تسوية.
(١) في (ص): «يناشدنك». (٢) في (د) و (ص): «الظُّرَف». (٣) في غير (ص): «في».