الأرض النَّديَّة (مِنَ العَطَشِ) وفي رواية الحَمُّويي والمُستملي: «من العُطَاشِ» بضمِّ العين كـ «غُرَابٍ»، قال في «القاموس»: هو داءٌ لا يروى صاحبه، وقال السَّفاقسيُّ: داءٌ يصيب الغنم تشرب فلا (١) تروى، وهذا موضعُ ذكر هذه الرِّواية، وسها الحافظ ابن حجرٍ فذكرها في «فتح الباري» وتبعه العينيُّ عند اشتداد العطش على الرَّجل، وعبارته (٢) قوله: فاشتدَّ عليه العطش، كذا للأكثر، وكذا هو في «المُوطَّأ»، ووقع في رواية المُستملي:«العُطَاش»، قال ابن التِّين: هو داءٌ يصيب الغنم تشرب فلا تروى، وهو غير مناسبٍ هنا، قال: وقيل: يصحُّ على تقدير: أنَّ العطش يحدث عنه (٣) هذا الدَّاء كالزُّكام، قلت: وسياق الحديث يأباه، فظاهره: أنَّ الرَّجل سقى الكلب حتَّى روي، ولذلك جُوزِي بالمغفرة. انتهى (٤). فتأمَّله (٥). (فَقَالَ) الرَّجل: (لَقَدْ بَلَغَ هَذَا) أي (٦): الكلب (مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي) أي: من شدَّة العطش، وزاد ابن حبَّان من وجهٍ آخر عن أبي صالحٍ:«فرحمه»، وقوله:«مثلُ» بالرَّفع في فرع «اليونينيَّة» والنُّسخة المقروءة على الميدوميِّ وغيرهما ممَّا وقفت عليه من الأصول المعتمدة، وحكاه ابن الملقِّن عن ضبط الحافظ الشَّرف الدِّمياطيِّ: على أنَّه فاعلُ «بلغ»(٧)، وقوله:«هذا» مفعولٌ به مُقدَّمٌ، وقال الحافظ ابن حجرٍ وتبعه العينيُّ كالزَّركشيِّ:«مثلَ» بالنَّصب، نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: بلغ مبلغًا مثلَ الذي بلغ بي، قال في «المصابيح»: وهذا لا يتعيَّن لجواز أن يكون المحذوف مفعولًا به، أي: عطشًا، زاد أبو ذرٍّ هنا في روايته:«فنزل بئرًا»(فَمَلأَ خُفَّهُ) ولابن حبَّان: «فنزع إحدى خُفَّيه»(ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ) ليصعد من البئر لعسر المُرتقَى منها (ثُمَّ رَقِيَ) منها، بفتح الرَّاء وكسر القاف كـ «صَعِد» وزنًا ومعنًى، ومقتضى كلام ابن التِّين أنَّ الرِّواية:«رَقَى» بفتح القاف، وذلك أنَّه قال:«ثمَّ رقى» كذا وقع، وصوابه:«رَقِي» على وزن «عَلِم»، ومعناه: صعد، قال تعالى: ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء﴾ [الإسراء: ٩٣] وأمَّا «رقَى» -بفتح القاف- فمن الرُّقية، وليس هذا موضعه،
(١) في (د): «فتشرب ولا». (٢) زيد في (ب) و (م): «في»، ولا يصحُّ. (٣) في (د): «منه». (٤) «انتهى»: ليس في (ص) و (د ١) و (ص). (٥) قوله: «مِنَ العَطَشِ، وفي رواية الحَمُّويي والمُسْتملي … ولذلك جُوزِي بالمغفرة، فتأمَّله»: سقط من (م). (٦) «أي»: ليس في (د). (٧) في (د) و (ص) و (م): «يبلغ».