حيوانٍ؛ كقوله تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء﴾ [النور: ٤٥] أو كأنَّما خلقناه من ماءٍ لفرط احتياجه إليه وحبِّه له، وقلَّة صبره عنه؛ كقوله تعالى: ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء: ٣٧] أو المعنى: صيَّرنا كلَّ شيءٍ حيٍّ بسببٍ من الماء لا يحيا دونه، وفي حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد قال: قلت: يا رسول الله، إنِّي إذا رأيتك طابت نفسي وقرَّت عيني، فأنبئني عن كلِّ شيءٍ، قال:«كلُّ شيءٍ خُلِق من الماء … » الحديث، وإسناده على شرط الشَّيخين إلَّا أبا ميمونة فمن رجال السُّنن، واسمه: سليمٌ، والتِّرمذيُّ يصحِّح له، وروى ابن أبي حاتمٍ عن أبي العالية: أنَّ المراد بـ «الماء»(١): النُّطفة (﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٠]) مع ظهور الآيات الواضحة (٢). (وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾) أي: العذب الصَّالح للشُّرب (﴿أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾) بقدرتنا (﴿لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ [الواقعة: ٦٨ - ٧٠]) قال البخاريُّ تبعًا لأبي عبيدٍ: (الأُجَاجُ: المُرُّ) وقيل: هو الشَّديد الملوحة أو المرارة، أو الحارُّ (٣)، حكاه ابن فارسٍ، وقال المؤلِّف تبعًا لقتادة ومجاهدٍ فيما أخرجه الطَّبريُّ عنهما:(المُزْنُ: السَّحَابُ) وقيل: هو الأبيض وماؤه أعذب (٤)، وفي رواية المُستملي:«أجاجًا منصبًّا»، وهو موافقٌ لتفسير ابن عبَّاسٍ وقتادة ومجاهدٍ فيما أخرجه الطَّبريُّ:«المزن: السَّحاب، الأجاج: المرُّ، فراتًا: عذبًا» وعن السُّدِّيِّ فيما رواه ابن أبي حاتمٍ: العذب (٥): الفرات الحلو، وقوله:«ثجَّاجًا» و «فراتًا» ذكرهما هنا استطرادًا على عادته في زيادته (٦) فرائد الفوائد، ولفظ رواية أبي ذرٍّ:«﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾»، وقد أورد الزَّمخشريُّ هنا سؤالًا فقال: فإن قلت: لِمَ أُدخِلت اللَّام على
(١) «بالماء»: ليس في (د). (٢) «الواضحة»: ليس في (د) و (س). (٣) «أو الحارُّ»: ليس في (د). (٤) في (د): «عذب». (٥) «العذب»: ليس في (د). (٦) في غير (ب) و (د) و (س): «زياداته».