الطريق فيه بُعْدٌ، ففي بعض الرِّوايات ما لا يقبل شيئًا من هذا التَّأويل، قال السُّهيليُّ: ورويَ من وجهٍ صحيحٍ أنَّه كان يزيده درهمًا درهمًا، وكلَّما زاده درهمًا يقول:«قد أخذته بكذا والله يغفر لك»، فكأنَّ جابرًا قصد بذلك كثرة استغفار النَّبيِّ ﷺ له (١)، وفي رواية [خ¦٢٧١٨] قال: «بِعْنيه بأوقيَّةٍ، فبعته، واستثنيت حُملانه إلى أهلي»، وفي أخرى:«أفقرني رسول الله ﷺ ظهره إلى المدينة» وفي أخرى [خ¦٢٧١٨]: «لك ظهره إلى المدينة»، قال البخاريُّ [خ¦٢٧١٨]: الاشتراط أكثر وأصحُّ عندي، واحتجَّ به الإمام أحمد على جواز بيع دابَّةٍ يشترط البائع لنفسه ركوبها إلى موضعٍ معلومٍ، قال المرداويُّ: وعليه الأصحابُ، وهو المعمول به في المذهب، وهو من المفردات، وعنه: لا يصحُّ، وقال مالكٌ: يجوز إذا كانت المسافة قريبةً، وقال الشَّافعيَّة والحنفيَّة: لا يصحُّ، سواءٌ بعُدت المسافة أو قربت؛ لحديث النَّهي عن بيعٍ وشرطٍ، وأجابوا عن حديث جابرٍ: بأنَّه واقعة عينٍ يتطرَّق إليها الاحتمالات؛ لأنَّه ﵊ أراد أن يُعطيه الثَّمن هبةً، ولم يُرِد حقيقة البيع بدليل آخر القصَّة، أو أنَّ الشرط لم يكن في نفس العقد بل سابقًا فلم يؤثِّر، وفي رواية النَّسائيِّ:«أخذته بكذا، وأعرتُك ظهره إلى المدينة»، فزال الإشكال. (ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ) المدينة (قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالغَدَاةِ، فَجِئْنَا) أي: هو وغيره من الصَّحابة (إِلَى المَسْجِدِ، فَوَجَدْتُهُ)ﷺ(عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، قَالَ) ولابن عساكر: «فقال»: (الآنَ قَدِمْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعْ) أي: اترُك (جَمَلَكَ فَادْخُلْ) أي: المسجد، ولأبي ذرٍّ:«وادخل» بالواو بدل الفاء (فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) فيه (فَدَخَلْتُ) المسجد (فَصَلَّيْتُ) فيه ركعتين، وفيه: استحبابهما عند القدوم من سفرٍ (فَأَمَرَ)ﷺ(بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً) بهمزةٍ مضمومةٍ وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة، ولابن عساكر:«وقيَّة»، وعبَّر بضمير الغائب في قوله:«له» على طريق الالتفات (فَوَزَنَ لِي بِلَالٌ فَأَرْجَحَ) زاد أبو الوقت وأبو ذرٍّ (٢) -عن الكُشْمِيْهَنِيِّ-: «لي»(فِي المِيزَانِ) وهو محمولٌ على
(١) «له»: مثبتٌ من (د). (٢) في غير (د): «أبو ذرٍّ والوقت»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.