هَدْيٌ وَهُوَ مُحْصَرٌ نَحَرَهُ) حيث أُحصِر من حلٍّ أو حرمٍ (إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ) زاد في رواية أبوي ذرٍّ والوقت: «به» أي: بالهدي إلى الحرم (وَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ) يوم النَّحر، وقال أبو حنيفة: لا يذبحه إلَّا في الحرم لأنَّ دم الإحصار قربةٌ، والإراقة لم تُعرَف قربةً إلَّا في زمانٍ أو مكانٍ، فلا تقع قربةً دونه، فلا يقع به التَّحلُّل، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] فإنَّ الهدي اسمٌ لِما يُهدَى إلى الحرم (١).
(وَقَالَ مَالِكٌ) إمام الأئمَّة (وَغَيْرُهُ: يَنْحَرُ هَدْيَهُ، وَيَحْلِقُ) رأسه (فِي أَيِّ مَوْضِعٍ) ولابن عساكر: «في أيِّ المواضع»(كَانَ) الحصر، وهو مذهب الشَّافعيَّة، فلا يلزمه إذا أُحصِر في الحلِّ أن يبعث به إلى الحرم (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ بِالحُدَيْبِيَةِ نَحَرُوا وَحَلَقُوا وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من محظورات الإحرام (قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الهَدْيُ إِلَى البَيْتِ) أي: ولا طواف ولا وصول هدي إلى البيت (ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ) بضمِّ أوَّله وفتح الكاف مبنيًّا للمفعول (أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ أَحَدًا) من أصحابه ممَّن كان معه (أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلَا يَعُودُوا لَهُ) وكلمة: «لا» زائدةٌ؛ كهي في قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢](وَالحُدَيْبِيَةُ خَارِجٌ مِنَ الحَرَمِ) وهذا يشبه ما قرأته في كتاب «المعرفة» للبيهقيِّ عن الشَّافعيِّ، وعبارته: قال الشَّافعيُّ (٢): قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] قال (٣): فلم أسمع ممَّن حفظت عنه من أهل العلم بالتَّفسير مخالفًا في أنَّ الآية نزلت بالحديبية حين أُحصِر النَّبيُّ ﷺ، فحال المشركون بينه وبين البيت، وأنَّ النَّبيَّ ﷺ نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالًا، ولم يصل إلى البيت ولا أصحابه إلَّا عثمان بن عفَّان وحده، ثمَّ قال: ونحر رسول الله ﷺ في الحلِّ، وقِيل: نحر في الحرم، قال الشَّافعيُّ: وإنَّما ذهبنا إلى أنَّه نحر في الحلِّ وبعض الحديبية في الحلِّ وبعضها في الحرم؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥] والحرم كلُّه محلُّه عند أهل العلم، قال الشَّافعيُّ: فحيثما أُحصِر ذبح شاةً وحلَّ، قال الشَّافعيُّ: فيمن أُحصِر بعدوٍّ لا قضاء عليه، فإن كان لم يحجَّ حجَّة الإسلام فعليه حجَّة الإسلام من قبل قول الله (٤) تعالى:
(١) «إلى الحرم»: ليس في (د). (٢) «وعبارته قال الشَّافعيُّ»: ليس في (ص). (٣) «قال»: ليس في (ب). (٤) في (د): «قبل قوله».